1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. وكان ،ﷺ حريصا على ثباتهم على الإسلام، وبعيدا عن كل ما ينفرهم عنه

وكان ،ﷺ حريصا على ثباتهم على الإسلام، وبعيدا عن كل ما ينفرهم عنه

الكاتب : محمد صالح المنجد
80 2024/02/15 2024/04/27
المقال مترجم الى : English

عن عائشة رضي الله عنها قالت

سألت النبيﷺ عن الجدر أمن البيت هو؟ قال:( نعم) قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال:( إن قومك قصرت بهم النفقة) قلت: فما شأن بابه مرتفعا ؟ قل( فعل ذلك قومك؛ ليدخلوا من شاءوا، ويمنعوا من شاوا) ثم قال لها:( يا عائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية؛ لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين: بابا شرقيا وبابا غربيا، فبلغت به أساس إبراهيم) .

البخارى[1583]ومسلم[1333]

وفي رواية:( ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم…) فربما أنكرت نفوسهم خراب الكعبة، فوسوس لهم الشيطان بذلك ما يقتضي إدخال الداخلة عليهم في دينهم والنبي ،ﷺ كان يريد استئنافهم، ويروم تثبيتهم على أمر الإسلام والدين، يخاف أن تنفر قلوبهم بتخريب الكعبة، ورأى أن يترك ذلك وأمر الناس باستيعاب البيت بالطواف أقرب إلى سلامة أحوال الناس، وإصلاح أديانهم، مع أن استيعابه بالبنيان لم يكن من الفروض، ولا من أركان الشريعة التي لاتقوم إلا به، وإنما يجب استيعابه بالطواف خاصة، وهذا يمكن مع بقائه على حاله 

المنتقى شرح الموطأ [2/282 ]

من فوائد الحديث:

فيه: ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر عنه فهم بعض الناس .

وفيه: اجتناب ولي الأمر ما يتسرع الناس إلى إنكاره، وما يخشى منه تولد الضرر عليهم في دين، أو دنيا.

وفيه: تألف قلوبهم بما لا يترك فيه أمر واجب.،

وفيه: تقديم الأهم، من دفع المفسدة، وجلب المصلحة، وأنهما إذا تعارضا بدئ بدفع المفسدة، وأن المفسدة إذا أمن وقوعها عاد استحباب عمل المصلحة.

وفيه: حديث الرجل مع أهله في الأمور العامة.

وفيه: حرص الصحابة على امتثال أوامر النبي ،ﷺ.

فتح الباري ]3/448.[

فائدة:

قال ابن كثير رحمه الله:( فبناها ابن الزبير على ذلك كما أخبرته به خالته عائشة أم المؤمنين عن رسول الله ﷺ، فجزاه الله خيرا.ثم لما غلبه الحجاج بن يوسف في سنة ثلاث وسبعين بهدم الحائط الشمالى وأخرج الحجر كما كان أولا، وأدخل الحجارة التي هدمها في جوف الكعبة فرصها فيه، فارتفع الباب، وسد الغربي، وتلك آثاره إلى الآن، وذلك بأمر عبد الملك بن مروان في ذلك ، ولم يكن بلغه الحديث، فلما بلغه الحديث قال: وددنا أنا تركناه وما تولى من ذلك وقد هم ابن المنصور المهدى أن يعيدها على ما بناها ابن الزبير، فاستشار الإمام مالك بن أنس في ذلك، فقال: إني أكره أن يتخذها الملوك لعبة، يعني يتلاعبون في بنائها بحسب آرائهم، فهذا يرى رأي ابن الزبير، وهذا يرى رأى عبد الملك بن مروان, وهذا يرى رأيا آخر والله سبحانه وتعالى أعلم)

البداية والنهاية ]8/275.

 

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنها أن عبد الله بن أبي قال

  أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ النبيﷺ، فقال عمر،فقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال النبي ﷺ:( دعه؛ لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه). 

رواه البخاري ]4905 ،]ومسلم ]2584.[

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال

أتى رجل رسول الله ﷺ بالجعرانة منصرفه من حنين، وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله ﷺ يقبض منها يعطي الناس، فقال: محمد ، اعدل. قال:( ويلك! ومن يعدل إذا أكن أعدل؟ لقد خبت وخسرت أن لم أكن أعدل)

فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه

دعني يا رسول الله، فأقتل هذا المنافق. فقال:( معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل اصحابي)

رواه البخاري ]3138 ،]ومسلم ]1063 ،]واللفظ ملسلم.

قال النووي رحمه الله :( فيه: ما كان عليهﷺ من الحلم).

 وفيه: ترك بعض الأمور المختارة، والصبر على بعض المفاسد؛ خوفا من أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم منه.

وكان ﷺ يتألف الناس، ويصبر على جفاء الأعراب و المنافقين، وغيرهم؛ لتقوى شوكة المسلمين، وتتم دعوة الإسلام، ويتمكن الإيمان من قلوب المؤلفة، ويرغب غيرهم في الإسلام، وكام يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك. ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى، وإظهارهم الإسلام ، وقد أمر بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر، ولأنهم كانوا معدودين في أصحابه ﷺ، ويجاهدون معه إما لطلب دنيا، أوعصبية لمن معه من عشائرهم. 

قال القاضي: واختلف العلماء هل بقي حكم الإغضاء عنهم، وترك قتالهم، أو نسخ ذلك عند ظهور الإسلام، ونزل

قوله تعالى

( جاهد الكفار والمنافقين)

وقيل: (إنما كان العفو عنهم ما لم يظهروا نفاقهم، فإذا أظهروه قتلوا) فالمنافق ما لم يظهر كفره ونفاقه فإنه لا يعامل في أحكام الدنيا معاملة الكفار، بل معاملة المسلمين؛ لأنه قد  عصم دمه وماله؛ بإعلان إسلامه، وتلك هي الجنة التي  

ذكرها الله تعالى في كتابه

( اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون)

 قال الإمام الشافعي رحمه الله:( يعني والله أعلم من القتل، فمنعهم من القتل، ولم يزل عنهم في الدنيا أحكام الإيمان بما أظهروا منه. وأوجب لهم الدرك الأسفل من النار بعلمه بسرائرهم، وخلافها علانيتهم بالإيمان).

قال ابن كثير:( ولهذا كان الضحاك بن مزاحم يقرؤها:( اتخذوا أيمانهم جنة) أي: تصديقهم الظاهر جنة، أي: تقية يتقون به القتل. والجمهور يقرؤها:( أي منهم) جمع يمين) فالمنافقون لا يدخلون في أحكام المرتدين، مع شدة كفرهم، بل تجري عليهم في الدنيا أحكام المسلمين.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال

بينما نحن عند رسول الله  وهو يقسم  قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله، اعدل فقال:( ويلك!ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل) فقال عمر: يا رسول الله ، ائذن لي فيه، أضرب عنقه فقال:( دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) وفي رواية لهما: قال النبي :( إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم) وفي رواية: قال النبي :( معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي)

أي: خيرجون. (4 (رواه البخاري ]3610 ،]ومسلم ]1064.[ (5 (رواه البخاري ]4351 ،]ومسلم ]1064.[ (6 (رواه مسلم ]1063 ]من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه

وقال الحافظ ابن  حجر:( قوله:( فإن له أصحابا…) هذا ظاهره أن ترك الأمر بقتله بسبب أن أصحابه بالصفة المذكورة، وهذا لا يقتضي ترك قتله مه ما أظهره من مواجهة النبيﷺ بما واجهه، ى فيحتمل أن يكون لمصلحة التألف كما فهمه البخاري؛ لأنه وصفهم بالمبالغة في العبادة مع إظهار الإسلام فلو أذن في قتله لكان ذلك تنفير عن دخول غيرهم في الإسلام

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day