البحث
عند إعداد النبي ﷺ لغزوة تبوك، استأذنه العديد من المنافقين في عدم المشاركة
وكان ذلك فى شهر رجب سنه تسع من الهجرة، وكانت فى زمن عسرة من الناس، وجدب من البلاد، وفى وقت طابت فيه الثمار، والناس يحبون المقام فى ثمارهم وظلالهم، ويكرهون شخوصهم على تلك الحال.
وكان رسول الله ﷺ قلما يخرج فى غزوة إلا كنى عنها وورى بغيرها (1)، إلا ما كان من غزوة تبوك ، لبعد الشقة، وشدة الزمان.
فجاءه كثير من المنافقين يستأذنونه فى عدم الخروج معه، ويعتذرون بأعذار واهية، فأذن لهم فى ذلك، وقبل أعذارهم.
وكان ممن استأذن منهم: عبد الله بن أبى ابن سلول، والجد بن قيس. وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض : لا تنفروا فى الحر. ففضحهم الله بذلك، وعتب على النبى ﷺ فى إذنه لهم.
قال تعالى:
فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوٓاْ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّۗ قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّٗاۚ لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ[٨١] فَلۡيَضۡحَكُواْ قَلِيلٗا وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرٗا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ التوبة
[٨١ -٨٢].
وقال تعالى :
لَوۡ كَانَ عَرَضٗا قَرِيبٗا وَسَفَرٗا قَاصِدٗا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ وَسَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ
[التوبة :٤٢] .
أى : لو كان خروجهم لطلب منفعة دنيوية سهلة التناول، وكان السفر
وَسَفَرٗا قَاصِدٗ
أى: ل قريباً سهلاً
لَّٱتَّبَعُوكَ
لعدم المشقة الكثيرة
وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ
أى : طالت عليهم المسافة، وصعب عليهم المسافة ، وصعب عليهم السفر، فلذلك تثاقلوا عنك .
وَسَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ
أى : سيحلفون أن لهم أعذاراً فى تخلفهم عن الخروج، وأنهم لا يستطيعون ذلك.
يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ
بالقعود ، والكذب . والإخبار بغير الواقع ،
وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ
المراجع
- معنى " ورى" ستر، وتستعمل فى إظهار شىء مع إرادة غيره، كأن يريد أن يغزو جهه الشرق، فيسأل عن أمر فى جهة الغرب ، ويتجهز للسفر، فيظن من يراه ويسمعه أنه يريد جهه الغرب. فتح البارى [١٥٩/٦] بإختصار.