البحث
كان النبي ﷺ يقدمهم في أمور كثيرة
ومن ذلك تقديمهم في الكلام : ففي قصة الرجل الذى قتل بخيبر وجاء رجلان من قومه ليكلما رسول الله في أمره : فانطلق
عن عبد الرحمن بن سهل
ومحيطة وحويضة ابنا مسعود إلى النبي ﷺ ، فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال : " كبر كبر " وهو أحدث القوم فسكت ، فتكلما (1). " كبر كبر " أى : قدم الكبير السن (2)
وتقديمهم في السقاية :
عن ابن عباس قال :
" كان رسول الله ﷺ إذا سقى قال : " ابدءوا بالكبير " أو قال " بالأكابر " (3).
وتقديمهم في الأمامة :
عن أبي مسعود الأنصارى رضى الله عنه قال :
قال لنا رسول الله ﷺ : " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قرأة ، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمنوا أكبرهم سناً (4).
وتقديمهم في البدء بالسلام عليهم :
عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي ﷺ قال :
" يسلم الصغير على الكبير ، والمار على القاعد ، والقليل على الكثير " (5).
وتقديمهم في الإعطاء :
عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال :
" أرنى في المنام أتسوك بسوال ، فجدبنى رجلان أحدهما أكبر من الأخر ، فناولت السواك الأصغر منهما فقيل لى : كبر . فدفعته إلى الأكبر " (6).
قال ابن بطال: " فيه : تقديم ذى السن في السواك ، وكذلك ينبغى تقديم ذى السن في الطعام والشراب والكلام والمشي والكتاب وكل منزلة ؛ قياساً على السواك واستدلالا من قولة " ﷺ " لحويصلة ومحيطة : " كبر كبر " يريد : ليتكلم الأكبر ، وهذا من باب أدب الإسلام .
وقال الملهب : تقديم ذى السن أولى في كل شئ ما لم يترتب القوم في الجلوس ، فإذا ترتبوا فالسنة تقديم الأيمن فالأيمن من الرئيس أو العالم ، على ما جاء في حديث شرب اللبن " (7).
قال ابن حجر : " وهو صحيح " (8).
فعن سهل بن سعد الساعدى رضى الله عنه
أن رسول الله ﷺ أتى بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ . فقال الغلام : " أتأذن لي أن أعطى هؤلاء " . فقال الغلام : لا والله يارسول الله ، لا أوثر بنصيبى منك أحداً . قال : فتله (9) رسول الله ﷺ قي يده (10 ) .
قال النووى : " وفعل ذلك أيضا ً تألفاً لقلوب الأشياخ ، وإعلاماً بودهم إيثار كرامتهم إذا لم تمنع منها سنة ، وتضمن ذلك أيضاً بيان هذه السنة ، وهى أن الأيمن أحق ، ولا يدفع إلى غيره إلا بإذنه ، وأنه لا بأس باستئذانه " .(11).
فتقديم الكبير مخصوص بما إذا لم يكن الحق لغيرهم .
فمن هذة الأحديث يتبين لنا كيف كان النبي ﷺ يقدم الكبير على الصغير ؛ وذلك لما له من الحق ، ولما له من الخبرة والمعرفة أكثر من غيرة من حدثاء السن .
وتقديمه الكبير فيه أشعار بتكريمه ، وعدم أهانته ؛ لأن الصغير عندما يتقدم على الكبير سيتأثر الكبير ، فلذلك أمر الرسول ﷺ بأن يقدم الكبير .
المراجع
- رواه البخاري [ 3173 ] ومسلم [ 1669] .
- فتح البارى [ 177/1 ] . رواه أبو يعلى [ 242
- 5 ] ، وقال ابن حجر : " سنده قوى " . فتح البارى [ 87/10 ] .
- رواه مسلم [ 673 ] .
- رواه البخاري [ 6231 ] ، ومسلم [ 2160 ] .
- رواه مسلم [ 2271 ] .
- شرح صحيح البخارى لابن بطال [ 364/1 ] .
- فتح الباري [ 357/1 ].
- أى : وضعه في يده ودفعه إليه .
- رواه البخاري [ 2319 ] ومسلم [ 2030 ] .
- شرح صحيح مسلم [ 201/13 ] .