البحث
وكان النبي ﷺ يحث أمته علي توقيرهم واحترامهم
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله ﷺ : " إن من إجلال الله : إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه ، وإكرام ذي السلطان المقسط " (1).
" إن من جلال الله " أي : تبجيله وتعظيمه .
" إكرام ذي الشيبة المسلم " أى : تعظيم الشيخ الكبير في الإسلام بتوفيره في المجالس ، والرفق به ، والشفقة عليه ، ونحو ذلك .
وعد ذلك من إجلال العبد لربه ، وتبجيله وتعظيمه له ؛ وذلك لحرمة الكبير عند الله ؛ ولما له من السابقة في الإسلام ؛ ولما له من الحق على غيره .
كما أن في ذلك إظهاراً لحقه على المجتمع الذى يعيش فيه ؛ لأن هذا حق أعطاه الشرع إياه .
" وحامل القرآن " أى : وإكرام قارئه ، وحافظه ، ومفسره .
" غير الغالى فيه " يعنى : غير المتجاوز الحد في العمل به ، وتتبع ما خفي منه ، واشتبه عليه من معانيه .
" والجافي عنه " أي : وغير المتباعد عنه ، المعرض عن تلاوته وإحكام قراءته ، وإتقان معانيه والعمل بما فيه .
" وإكرام ذي السلطان المقسط " أي : العادل (2 ).
ثم إن النبي ﷺ جمع فى هذا الحديث بين المسن ، وحامل القرآن ، والسلطان ، وقدم المسن ، كأنه يقول : وقر المسن كما توقر السلطان والرئيس والحاكم ، وعظم المسن كما تعظم حامل القرآن الحاذق .
وعن أنس رضي الله عنه قال :
جاء شيخ يريد النبي ﷺ ، فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له ، فقال النبي ﷺ : " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا " (3).
وفي رواية :
" من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف حق كبيرنا ، فليس منا " (4).
"فليس منا " أى : ليس على طريقتنا ، وهو كناية عن التبرئة ؛ حيث إنه ﷺ تبرأ من أن يكونوا من حزبه ؛ إذا ليس المسلم من لا يحترم الكبير ، وليس من المجتمع المسلم من لم يوقر مشايخه وأكابر من المسنين .
وقولة : " ويعرف حق كبيرنا " أى : بما يستحقه من التعظيم والتبجيل .
وقولة ﷺ : " يوقر كبيرنا " أبلغ من قول " يوقر الكبير " ؛ ليقرر أن الأعتداء على الكبير بالقول ؛ أو الفعل ، أو الأشارة ، هو اعتداء على جناب رسول الله ﷺ الذى نسب المسن إليه ، وانتسب إليه ، بقوله " كبيرنا "
المراجع
- رواه أبو داود [ 4843 ] وحسنه الألبانى في صحيح الجامع [ 2199 ] .
- عون المعبود [ 132/13 ].
- رواه الترمذي [ 1919 ] وصححه الألباني في الصحيحة [ 2196].
- رواه أبو دواد [ 4943 ]عن عبد الله بن عمرو ، وحسنه الألبانى في صحيح الجامع [ 6540 ].