1. المقالات
  2. الجزء الخامس_زاد المعاد
  3. ذكر حكمة في العدد 2

ذكر حكمة في العدد 2

3533 2007/11/28 2024/11/15

 
ذكر حكمه في العدد 2

وقولكم إن القرء مشتق من الجمع وإنما يجمع الحيض في زمن الطهر عنه ثلاثة أجوبة

أحدها أن هذا ممنوع والذي هو مشتق من الجمع إنما هو من باب الياء من المعتل من يقري كقضى يقضي والقرء من المهموز من بنات الهمز من قرأ يقرأ كنحر ينحر وهما مختلفان فإنهم يقولون قريت الماء في الحوض أقريه أي جمعته ومنه سميت القرية قرية النمل للبيت الذي تجتمع فيه لأنه يقريها أي يضمها ويجمعها وأما المهموز من الظهور والخروج على وجه التوقيت والتحديد ومنه قراءة القرآن لأن قارئه ويخرجه مقدارا محدودا لا يزيد ولا ينقص ويدل عليه قوله ( إن علينا جمعه ) القيامة 17 ففرق بين الجمع والقرآن ولو كانا واحدا لكان تكريرا محضا ولهذا ابن عباس رضي الله عنهما ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ) القيامة 18 فإذا بيناه قراءته نفس إظهاره وبيانه لا كما زعم أبو عبيدة أن القرآن مشتق من الجمع

 

ومنه ما قرأت هذه الناقة سلى قط وما قرأت جنينا هو من هذا الباب أي ما ولدته وأظهرته ومنه فلان يقرؤك السلام ويقرأ عليك السلام هو من الظهور والبيان قولهم قرأت المرأة حيضة أو حيضتين أي حاضتهما لأن الحيض ظهور ما كان كامنا الجنين ومنه قروء الثريا وقروء الريح وهو الوقت الذي يظهر المطر والريح يظهران في وقت مخصوص وقد ذكر هذا الإشتقاق المصنفون في كتب الإشتقاق وذكره عمرو وغيره ولا ريب أن هذا المعنى   الحيض أظهر منه في الطهر قولكم إن عائشة رضي الله عنها قالت القروء الأطهار والنساء أعلم بهذا من الرجال فالجواب أن يقال من جعل النساء أعلم بمراد الله من كتابه وأفهم لمعناه من أبي بكر وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود وأبي الدرداء رضي الله وأكابر أصحاب رسول الله فنزول ذلك في شأنهن لا يدل على أنهن أعلم به من وإلا كانت كل آية نزلت في النساء تكون النساء أعلم بها من الرجال ويجب على تقليدهن في معناها وحكمها فيكن أعلم من الرجال بآية الرضاع وآية الحيض وطء الحائض وآية عدة المتوفى عنها وآية الحمل والفصال ومدتهما وآية تحريم الزينة إلا لمن ذكر فيها وغير ذلك من الآيات التي تتعلق بهن وفي شأنهن نزلت على الرجال تقليدهن في حكم هذه الآيات ومعناها وهذا لا سبيل إليه ألبتة

 

 

وكيف العلم بالوحي على الفهم والمعرفة ووفور العقل والرجال أحق بهذا من النساء نصيبا منه بل لا يكاد يختلف الرجال والنساء في مسألة إلا والصواب في جانب وكيف يقال   اختلفت عائشة وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود في مسألة إن بقول عائشة رضي الله عنها أولى وهل الأولى إلا قول فيه خليفتان راشدان وإن الصديق معهما كما حكي عنه فذلك القول مما لا يعدوه الصواب ألبتة فإن النقل عن وعلي وابن ثابت وأما عن الصديق ففيه غرابة ويكفينا قول جماعة من الصحابة فيهم مثل وعلي وابن مسعود وأبي الدرداء وأبي موسى فكيف نقدم قول أم المؤمنين وفهمها على هؤلاء ثم يقال فهذه عائشة رضي الله عنها ترى رضاع الكبير ينشر الحرمة ويثبت المحرمية جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وقد خالفها غيرها من الصحابة وهي روت حديث به فهلا قلتم النساء أعلم بهذا من الرجال ورجحتم قولها على قول من خالفها

 

ونقول لأصحاب مالك رحمه الله وهذه عائشة رضي الله عنها لا ترى التحريم إلا بخمس ومعها جماعة من الصحابة وروت فيه حديثين فهلا قلتم النساء أعلم بهذا من وقدمتم قولها على قول من خالفها فإن قلتم هذا حكم يتعدى إلى الرجال فيستوي النساء معهم فيه قيل ويتعدى حكم العدة إلى الرجال فيجب أن يستوي النساء معهم   وهذا لا خفاء به ثم يرجح قول الرجال في هذه المسألة بأن رسول الله شهد لواحد هذا الحزب بأن الله ضرب الحق على لسانه وقلبه وقد وافق ربه تبارك وتعالى في عدة قال فيها قولا فنزل القرآن بمثل ما قال وأعطاه النبي فضل إنائه في النوم بالعلم وشهد له بأنه محدث ملهم فإذا لم يكن بد من التقليد فتقليده أولى وإن الحجة هي التي تفصل بين المتنازعين فتحكيمها هو الواجب قولكم إن من قال إن الأقراء الحيض لا يقولون بقول علي وابن مسعود ولا بقول عائشة عليا يقول هو أحق برجعتها ما لم تغتسل وأنتم لا تقولون بواحد من القولين فهذا أن يكون تناقضا ممن لا يقول بذلك كأصحاب أبي حنيفة وتلك شكاة ظاهر عنك عارها يقول بقول علي وهو الإمام أحمد وأصحابه كما تقدم حكاية ذلك فإنها تبقى عنده إلى أن تغتسل كما قاله علي ومن وافقه

 

 

ونحن نعتذر عمن يقول الأقراء في ذلك ولا يقول هو أحق بها ما لم تغتسل فإنه وافق من يقول الأقراء الحيض في وخالفه في توقف انقضائها على الغسل لمعارض أوجب له مخالفته كما يفعله سائر ولو ذهبنا نعد ما تصرفتم فيه هذا التصرف بعينه فإن كان هذا المعارض صحيحا يكن تناقضا منهم وإن لم يكن صحيحا لم يكن ضعف قولهم في إحدى المسألتين عندهم لهم من موافقتهم لهم في المسألة الأخرى فإن موافقة أكابر الصحابة وفيهم من من الخلفاء الراشدين في معظم قولهم خير وأولى من مخالفتهم في قولهم جميعه بحيث لا يعتبر ألبتة قالوا ثم لم نخالفهم في توقف انقضائها على الغسل بل قلنا لا تنقضي حتى تغتسل أو عليها وقت صلاة فوافقناهم في قولهم بالغسل وزدنا عليهم انقضاءها بمضي وقت لأنها صارت في حكم الطاهرات بدليل استقرار الصلاة في ذمتها فأين المخالفة للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم وقولكم لا نجد في كتاب الله للغسل معنى فيقال كتاب الله تعالى لم يتعرض للغسل ولا إثبات وإنما علق الحل والبينونة بانقضاء الأجل

 

وقد اختلف السلف والخلف فيما ينقضي به الأجل فقيل بانقطاع الحيض وقيل بالغسل أو صلاة أو انقطاعه لأكثره وقيل بالطعن في الحيضة الثالثة وحجة من وقفه على الغسل الخلفاء الراشدين قال الإمام أحمد عمر وعلي وابن مسعود يقولون حتى تغتسل من الثالثة قالوا وهم أعلم بكتاب الله وحدود ما أنزل على رسوله وقد روى هذا عن أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان   موسى وعبادة وأبي الدرداء حكاه صاحب المغني وغيره عنهم ومن هاهنا قيل إن مذهب ومن ذكر معه أن الأقراء الحيض قالوا وهذا القول له حظ وافر من الفقه فإن المرأة إذا انقطع حيضها صارت في حكم من وجه وفي حكم الحيض من وجه والوجوه التي هي فيها في حكم الحيض أكثر من التي هي فيها في حكم الطاهرات فإنها في حكم الطاهرات في صحة الصيام ووجوب وفي حكم الحيض في تحريم قراءة القرآن عند من حرمه على الحائض واللبث في والطواف بالبيت وتحريم الوطء وتحريم الطلاق في أحد القولين فاحتاط الخلفاء وأكابر الصحابة للنكاح ولم يخرجوها منه بعد ثبوته إلا بقيد لا ريب فيه ثبوت حكم الطاهرات في حقها من كل وجه إزالة لليقين بيقين مثله إذ ليس جعلها في تلك الأحكام أولى من جعلها حائضا في بقاء الزوجية وثبوت الرجعة وهذا من الفقه وألطفه مأخذا قالوا وأما قول الأعشى ( لما ضاع فيها من قروء نسائكا ) فغايته استعمال القروء في الطهر ونحن لا ننكره قولكم إن الطهر أسبق من الحيض فكان أولى بالإسم فترجيح طريف جدا فمن أين يكون بالإسم إذا كان سابقا في الوجود ثم ذلك السابق لا يسمى قرءا ما لم يسبقه دم جمهور من يقول الأقراء الأطهار وهل يقال في كل لفظ مشترك إن أسبق معانيه إلى أحق به فيكون عسعس من قوله ( والليل إذا عسعس ) التكوير 17 أولى بكونه الليل لسبقه في الوجود فإن الظلام   وأما قولكم إن النبي فسر القروء بالأطهار فلعمر الله لو كان الأمر كذلك لما إلى القول بأنها الأطهار ولبادرنا إلى هذا القول اعتقادا وعملا وهل إلا على تفسيره وبيانه

 

( تقول سليمى لو أقمتم بأرضنا % ولم تدر أني للمقام أطوف )

 


فقد بينا من صريح كلامه ومعناه ما يدل على تفسيره للقروء بالحيض وفي ذلك كفاية


 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day