1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. وكان وفياً لزوجته، يحفظ لها حقها، ولا ينسى لها سابق عهدها:

وكان وفياً لزوجته، يحفظ لها حقها، ولا ينسى لها سابق عهدها:

الكاتب : محمد صالح المنجد
597 2022/08/14 2024/11/18
المقال مترجم الى : English

فقد أثنى صلى الله عليه وسلم على خديجة في حياتها، وبعد موتها ما لم يثن على غيرها، وكان يحرص على بيان فضلها، ومكانتها في قلبه حتى بعد وفاتها.

عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيْتُهَا وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ.

فلم يكف صلوات الله وسلامه عليه عن ذكرها، والثناء عليها بانتهاء العلاقة الزوجية، بل استمر ذلك بعد وفاتها، وكان يقول: "إنها كانت وكانت" أي: كانت فاضلى، وكانت عاقلة، ونحو ذلك.

"وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ" فجميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة إلا إبراهيم فإنه كان من جاريته مارية.

والمتفق عليه من اولاده منها: القاسم، وبناته الأربع: زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، وعبدالله ولد بعد المبعث، فكان يقال له الطاهر والطيب.

ولا يذكرها صلى الله عليه وسلم إلا ويثني عليها، ويستغفر لها، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكن يسأم من ثناء عليها، والاستغفار لها".

وعند النظر في حال الناس اليوم نجد العجب العجاب، تجد الرجل قد ماتت زوجته فتزوج بأخرى، ثم يجلس يمدح الأخرى، ويقبح أفعال المتوفاة، وأنها كانت، وكانت.

أو يقع فراق بسبب طلاق، فيذمها أينما جلس، وأنه كان صابراً عليها، وما طلقها إلا بعد نفاد صبره، فلا يذكرها أو يتذكرها إلا وهو ذام لها.

كما أن بعض الناس لا يذكر امرأته بخير أبداًـ وإن كان لها فضل عليه.

وكان صلى الله عليه وسلم تنبسط أسارير وجهه إذا رأى، او سمع ما يذكره بزوجته خديجة رضي الله عنها،

"فَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاحَ لِذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ فَغِرْتُ فَقُلْتُ وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ فَأَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا "

"وفي الحديث أن من أحب شيئاً أحب محبوباته، وما يشبهه، وما يتعلق به"

"وهذا من أعجب شيء أن تعار رضي الله عنها من امرأة توفيت قبل تزود النبي صلى الله عليه وسلم بها".

ومما كافأ النبي صلى الله عليه وسلم به خديجة في الدنيا: أنه لم يتزوج في حياتها غيرها فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى ماتت".

وهذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم بالأخبار.

وفيه دليل على عظم قدرها عنده، وعلى مزيد فضلها؛ لأنها أغنته عن غيرهان واختصت به بقدر ما اشترك فيه غيرها مرتين، لأنه صلى الله عليه وسلم عاش بعد أن تزوجها ثمانية وثلاثين عاماً انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عاماً، وهي نحو الثلثين من المجموع

ومع طول المدة فصان قلبها فيها من الغيرة، ومن نكد الضرائر...، وهي فضيلة لم يشاركها فيها غيرها".

ومن حسن عهده صلى الله عليه وسلم معها أنه كان يصل صديقاتها بعد وفاتها،

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة"

وفي رواية: "وإن كان ليذبح الشاة، فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن"

"فيتتبع"، أي: يتطلب، "فإهداء النبي صلى الله عليه وسلم اللحم لأصدقاء خديجة وخلائلها، رعياً منه لذمامها, وحفظاً لعهدها".

"وفي هذا كله دليل لحسن العهد، وحفظ الود، ورعاية حرمة الصاحب، والعشير في حياته ووفاته، وإكرام أهل ذلك الصاحب.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بالشيء يقول: "اذهبوا به إلى فلانة؛ فإنها كانت صديقة خديجة، اذهبوا به إلى بيت فلانة، فإنها كانت تحب خديجة".

وبخص صواحبها أيضاً بمزيد فضل وإحسان،

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عندي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أنت؟"، قالت: أن جثامة المزنية، فقال: "بل أنت حسانة المزنية كيف أنتم، كيف حالكم، كيف كنتم بعدنا؟"، قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت، قلت: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال! فقال: "يا عائشة، إنها كانت تأتينا زمان خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان".

فائدة:

مع أن هذه المرأة عجوز إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسمها إلى اسم أجمل وألطف؛ لأن الجثامة هو الإنسان البليد الكسلان الذي لا يميل إلى الحركة.

والحسانة أشد حسناً من الحسناء، وهو اسم جميل قل من يتسمى به من النساء في هذا الزمن. فحشن العهد والوفاء من أخلاق أهل الإيمانن وهذا الموقف من النبي صلى الله عليه وسلم فيه مقابلة طيبة، وملاطفة جميلة، وتودد محمود، ووفاء نبيل لزوجته خديجة التي طالما أيدته، وخففت عنه، وواسته.

وكثير من الأزواج اليوم يتنكر لزوجته التي كدحت معه بداية عمره، ووضعت يدها بيده، وساعدته في بناء بيته، وليس هذا من حسن العهد.

وكان صلى الله عليه وسلم لا يجد في التصريح بحبه لزوجته، وقد قال صلى الله عليه وسلم عن خديحة "إني قد رزقت حبها".

"وفيه إشارة إلى أن حبها فضيلة حصلت".

وحبه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها أشهر من أن يذكر، فلم يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة حبها، ولا تزوج بكراً سواها.

وكان يظهر ذلك الحب، ولا يخفيه، حتى إن عمرو بن العاص سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"، قلت: من الرجال؟ قال: "أبوها".

أما الآن فتجد من الرجال من يعاشر زوجته السنين الطوال، دون أن يصارحها بحبه لها، وبعضهم يعد ذلك من خوارم المروءة، وربما يستحيي بعضهم من ذلك...!

وكثير من الناس لا يعلم أن تصريحه بحبه لزوجته من أفضل ما يساعد على تعزيز العلاقات، واستمرار الحياة السعيدة، وزيادة الثقة بينهما.

فالزوجة تريد من زوجها أن يشعرها أن يحبها، ويصرح لها بذلك، ويكثر منه.

وكم من امرأة وقعت في المنكر بسبب أنها وجدت من يتكلم معها، ويقول لها كلاماً معسولاً، لم تجده عنده زوجها.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day