البحث
هدى النبي ﷺ في كشف صفات المنافقين وأعمالهم أكثر من التركيز على أسمائهم
وقد سبق معنا أن أسماء بعض المنافقين كانت تخفى على النبى ﷺ ، ولكن خفاء أسمائهم لا يعنى خفاء علاماتهم وصفاتهم ، بل هم معرفون للصحابة والنبي ﷺ إما بأعيانهم ، أو بعلاماتهم
قال تعالى :
.وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ
[ محمد : 30].
قال الحافظ ابن كثير : " يقول تعالى : ولو نشاء يامحمد لأريناك أشخاصهم ، فعرفتهم عياناً . ولكن لم يفعل تعالى ذلك فى جميع المنافقين ، ستراً منه على خلقه ، وحملاً للأمور على ظاهر السلامة، ورداً للسرائر إلى عالمها .
وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ
أى : فيها يبدو من كلامهم ، الدال على مقاصدهم ، يفهم المتكلم من أى الحزبين هو ، بمعانى كلامه ، وفحواه ، وهو المراد من لحن القول "(1).
والصحابة رضى الله عنهم وإن لم يعلموا بعض المنافقين بأعيانهم ، إلا أنهم كانوا يعرفونهم بصفاتهم
ومن ذلك قول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه وهو يتحدث عن صلاة الجماعة : " ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق "(2).وقول كعب بن مالك رضى الله عنه وهو يحكى
قصة تخلفه عن غزوة تبوك : " فطفقت إذا خرجت فى الناس بعد خروج رسول الله ﷺ يحزننى أنى لا أرى لي أسوة إلا رجلاً مغموصاً عليه
فى النفاق ، أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء (3). مغموصاً : أى مطعوناً عليه فى دينه متهما بالنفاق (4).
فإنه ظاهر فى معرفة الصحابة لهؤلاء المنافقين بصفاتهم ، ومواقفهم ، ولحن قولهم .
وهذا من تمام حكمة الله ، بأن بقى الأمر مربوطاً بصفات وعلامات حتى يحذرها المؤمن ، ويخافها فى كل زمان ومكان .
ومن تأمل صفات المنافقين الموجودة فى سور : التوبة ، والمنافقين ، والنور ، والبقرة ، والنساء ، والأحزاب ، وغيرها من السور ، لوجدها موجودة فى كثير من الكتاب ، والصحفيين ،
والممثلين الذين يتكلمون الآن على الملأ ، نجد فى مقالاتهم وتصريحاتهم وتلميحاتهم نفس كلام المنافقين الاولين،
وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ ،
[ محمد : 30] .
المراجع
- تفسير ابن كثير [٣٢١/٧ ] .
- رواه مسلم [ ٦٥٤ ] .
- رواه البخارى[٤٤١٨ ] ،[٢٧٦٩ ] .
- فتح البارى [١٦٣/١ ].