البحث
أدب الخلاف في الإسلام - أهم قواعد الخلاف
تحت قسم :
حملة صالحون مصلحون
5468
2012/01/22
2024/12/11
أهم قواعد الخلاف :
و ينقسم الخلاف إلى :
القسم الأول : ما لا يسعه الخلاف ، و هو ما أجمعت عليه الأمة ، و ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، و ما كان خاص بأمور العقيدة و الغيب ، و تحريم الزنا و الخمر و الصلوات الخمس و الحج و الصيام و الزكاة ؛ و من اختلف حول هذه الأشياء فقد كفر .
القسم الثاني : ما كان فيه اجتهاد هذا يسعه الخلاف ، مثل : الجهر و الإسرار بالبسملة في الفاتحة و القصر و إتمام الصلاة في السفر ، و قراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام في الصلاة من عدمها ؛ كل هذه الأمور و ما يشبهها يجوز الخلاف فيها ، و من كان عنده قدره على النظر في كتب أهل العلم و تحرير المسائل الفقهية و الترجيح بينها .
و قد يخطأ المجتهد ولكن بشرط انه اجتهد و أخذ بالقواعد العلمية ، فهذا يعود إلى قوله تعالى : ( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة 286 .
و عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : « إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَ إِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ » . متفق عليه
أولًا - الآداب التي تراعى عند الخلاف :
1- أن يكن لنا أصلًا نعود إليه :
و هناك ثلاثة أصول لا يدخلها الخلل ، و يرجع إليها عند كل خلاف :
1/ الكتاب و السنة و الإجماع :
والله يقول : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) . و لا يجوز عند الخلاف الفتوى بقول أحد العلماء طالما أنَّ فتواه ليست موثقة بدليل ، فلا عصمة لكلام أحد من البشر إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم .
وأيضًا من يأخذ برخص العلماء ، و المقصود برخص العلماء : الأمور التي أخطأ فيها العلماء ، قال سليمان التيمي : " إن أخذت برخصة كل عالم ، اجتمع فيك الشر كله " .
و الخلاف و التعصب من أجل المذاهب من الأمور المذمومة ، و قد وصل التعصب للمذاهب في العصور الماضية إلى أنَّهم كانوا يحرمون أن تتزوج الحنفية من شافعي ، و أجاز بعض علماء الحنفية أن يتزوج الحنفي من شافعية ، فلما سألوه عن السبب قال : أنزلتها منزلة أهل الكتاب .
قال تعالى : ( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) الأعراف 2 .
و قوله تعالى : ( وَ إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَ لَا يَهْتَدُونَ ) البقرة 170 .
قد جاء عدي بن حاتم إلى النبي و كان قد دان بالنصرانية قبل الإسلام ، فلما سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقرا هذه الآية : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَ رُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ مَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة 31 ، قال : يا رسول الله إنهم لم يعبدوهم ، فقال : بلى ، إنهم حرموا عليهم الحلال و أحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم . الترمذي و غيره و حسنه .
و مدح الله من يتبع الحق ، فقال تعالى : ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ) الزمر 18 .
و ردَّ الله كل الاختلافات إلى الكتاب و السنة ، و لم يردَّ الخلاف إلى أي مصدر آخر ، و الإجماع يدخل تحت السنة ، لقول النبي صلى الله عليه و سلم : « لا تجتمع أمتي على ضلالة » .
2- التثبت من قول المخالف :
و ذلك لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات 6 . و يكون التثبت بأن تسمع الرأي من صاحبه ، و تسمع حجته أولًا قبل الحكم عليه و الاختلاف معه .
3- تحديد الموضوع :
و الخلاف لا يكون خلافًا عامًا لمجرد الخلاف ، ولكن ما هو الموضوع المختلف عليه ؟ ، و إلا يكون الخلاف حول التعريفات و المصطلحات .
مثل : المنهج السلفي ، السنة ، البدعة ، المكفرة و أساليب الدعوة ؛ و ما إلى ذلك من تعريفات قد يحدث حولها الخلاف ، و مثال ذلك : أن يختلف الناس حول أسلوب الدعوة .
4 –تحديد أهمية موضوع الخلاف :
هل الموضوع المختلف عليه له أهمية أم يحتمل أكثر من رأي و له أكثر من وجه ، و مثال ذلك : الجهر بالبسملة في الفاتحة ؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله : " إنها من الأمور التي لا تحتمل الخلاف و الخصومة بين المسلمين وان كان الحق في الإسرار " .
5-هدف الخلاف :
أن يكون الهدف من الاختلاف إظهار الحق ، و ليس الانتصار للنفس . كان الشافعي يقول : " ما ناظرت أحدًا إلا و تمنيت أن يكون الحق معه " .