البحث
منهج السلف في الجدال
منهج السلف في الجدال :
قالالخطيب : ( و يخلص النية في جداله بأن يبتغي وجه الله تعالى ... و ليكن قصده في نظرهإيضاح الحق و تثبيته دون المغالبة للخصم ) .
منهج الأئمة رحمهم الله في الجدال :
سأل رجل أحمد ابن حنبل قال : ادخل المسجد ليس فيه رجل يعمل بالسنة غيري ، فيتكلم رجل من أهل البدعة ، أفأجادله ؟ ، فقال : لا ، أخبر السنة و لا تخاصم .
انظر أخي المسلم إلى إمام أهل السنة أحمد ابن حنبل رحمه الله ، كيف كان يعلم تلاميذه أن يتركوا الجدال و إن كانوا محقين ! ، قال : أخبر بالسنة و لا تجادل .
و تخيل نفسك في هذا الموقف رأيت رجل على بدعة مخالفة للدين ، فنصحته و أخبرته أنَّ السنة كذا وكذا ، فإذا به يرفض النصيحة ويريد الجدال ، لا تكثر معه ، بل قل له : جزاك الله خيرًا ، و اعرض عنه ؛ و تذكر قوله تعالى : ( وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين ) الأعراف 199 .
و سُئل مالك : الرجل يكون عالمًا بالسنة ، أفيجادل عنها ؟ ، فقال مالك : لا ، بيّن السنة ، فإن قبلت منك و إلا فلا تخاصم .
وهذا مالك ينصح بما نصح به أحمد ، فهم جميعا أخذوا من مشكاة واحدة ، أخذوا من نور النبوة .
و جادل رجل الشافعي فلم يجبه فلما سألوه قال :
قالوا سكتَّ و قد خوصمتَ قلتُ لهم *** إنَّ الجوابَ لِبَابِ الشَّرِّ مفتاحُ
و الصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفٌ *** و فيه أيضاً لصون العرض إصلاحُ
أما ترى الُأسْدَ تُخشى و هي صامتةٌ *** و الكلب يُخسى لعمري و هو نباحُ
و ها هو الشافعي الذي كان يلقب شمس الدنيا ، يخبرنا أنَّ الجدال مفتاح لباب الشر ،
و أنَّ الإنسان ليس عيبًا عليه أن يسكت ، و ضرب لنا مثلًا بالسباع و ما لها من هيبة في قلوب الناس و هي صامتة لا تكثر من النباح ، و الكلب كثير النباح الذي لا قيمة له .
و في النهاية مسك الختام ، و هي بشرى من رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجنة لمن ترك الجدال ، فقال : « أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقًا » . رواه أبو داود بسند حسن عن أبي أمامة و للترمذي نحوه من حديث أنس و حسنه .
عليك أخي المسلم إذا أردت أن تكون مصلحًا أن تحذر هذه آلافة العظيمة ، وعود نفسك إذا أسديت النصيحة للمسلمين و وجدت أنَّ باب الجدال سيفتح فأغلقه ، و لا تدع الشيطان يوسوس لك ، و يقول : أنّك على حق و ليس عليك ترك المناقشة حتى يقتنع من أمامك ، اعلم أنَّ هذا من الشيطان ، و تذكر وعد النبي بقصر في الجنة لمن ترك الجدال و هو محق .
و اعلم أخي أنَّ الجدال هو رد أخيك إلى الحق و ليس استعلاء عليه أو إظهار فضلك ، فافطن لهذا الكلام تكن صالحًا مصلحًا بإذن الله .
اللهم أرنا الحق حقًا و ارزقنا إتباعه و أرنا الباطل باطلًا و ارزقنا اجتنابه .