البحث
الأدب و حسن الخلق و حقوق المسلمين - الجزء الثالث
تحت قسم :
حملة صالحون مصلحون
4443
2011/11/27
2024/11/14
الأدب مع رسول الله صلى الله عليه و سلم :
توقيره صلى الله عليه و سلم ، و الصلاة و السلام عليه عندما يذكر ، و الاقتداء بسنته و حب أهل بيته و صحابته رضي الله عنهم .
قال مالك : رأيت أيوب السختياني بمكة حجتين ، فما كتبت عنه ، و رأيته في الثالثة قاعدًا في فناء زمزم ، فكان إذا ذكر النبي عنده بكى حتى أرحمه ، فلما رأيت ذلك كتبت عنه .
كان هارون الرشيد في مسجد النبي ، و كان مالك يلقى درسًا ، فرفع هارون صوته ، فقال : مالك إنِّ حرمة النبي و هو حي ، كحرمته و هو ميت ، قال تعالى : ( لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) الحجرات 2 ، فسكت هارون الخليفة أدبًا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم .
كلمات من ذهب لا تقدر بثمن حول آداب و حقوق المسلم على المسلم :
هِيَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ ، وَ تُجِيبَهُ إِذَا دَعَاكَ ، وَ تُشَمِّتَهُ إِذَا عَطَسَ ، وَ تَعُودَهُ إِذَا مَرِضَ ، وَ تَشْهَدَ جِنَازَتَهُ إِذَا مَاتَ ، وَ تَبَرَّ قَسَمَهُ إِذَا أَقْسَمَ عَلَيْكَ ، وَ تَنْصَحَ لَهُ إِذَا اسْتَنْصَحَكَ ، وَ تَحْفَظَهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِذَا غَابَ عَنْكَ .
وَ مِنْهَا أَنْ تُحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، وَ تَكْرَهَ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَ تَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى سَائِرُهُ بِالْحُمَّى وَ السَّهَرِ » ، وَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا » .
وَ مِنْهَا : أَنْ لَا يُؤْذِيَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِفِعْلٍ وَ لَا قَوْلٍ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ ، وَ الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ ، وَ الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ وَ اجْتَنَبَهُ » ، وَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا » .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَتَوَاضَعَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَ لَا يَتَكَبَّرَ عَلَيْهِ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ » .
وَ مِنْهَا : أَنْ لَا يَسْمَعَ بَلَاغَاتِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَ لَا يُبَلِّغَ بَعْضَهُمْ مَا يَسْمَعُ مِنْ بَعْضٍ ، فَفِي الْحَدِيثِ : « لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ » .
وَ مِنْهَا : أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْهَجْرِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَهْمَا غَضِبَ عَلَيْهِ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَ يُعْرِضُ هَذَا وَ خَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ » .
وَ قَالَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: « مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ قَطُّ ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ ». وَ فِي الْحَدِيثِ: « مَا زَادَ اللَّهُ رَجُلًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا » .
وَ مِنْهَا : أَنْ يُحْسِنَ إِلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مَا اسْتَطَاعَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَهْلِ وَ غَيْرِ الْأَهْلِ ، وَ فِي أَثَرٍ : " اصْنَعِ الْمَعْرُوفَ فِي أَهْلِهِ وَ فِي غَيْرِهِ أَهْلِهِ ، فَإِنْ أَصَبْتَ فَهُوَ أَهْلُهُ ، وَ إِنْ لَمْ تُصِبْ أَهْلَهُ فَأَنْتَ مِنْ أَهْلِهِ " ، وَ فِي آخَرَ : " رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الدِّينِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ وَ اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ إِلَى كُلِّ بَرٍّ وَ فَاجِرٍ " ؛ وَ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ إِلَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ ثُمَّ لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ كَلَامِهِ .
وَ مِنْهَا : أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا بِإِذْنِهِ ، بِأَنْ يَسْتَأْذِنَ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ انْصَرَفَ .
وَ مِنْهَا : أَنْ يُخَالِقَ الْجَمِيعَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ وَ يُعَامِلَهُ بِحَسَبِ طَرِيقَتِهِ .
مِنْهَا : أَنْ يُوَقِّرَ الْمَشَايِخَ وَ يَرْحَمَ الصِّبْيَانَ ، وَ فِي الْحَدِيثِ : « لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا وَلَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا » .
وَ التَّلَطُّفُ بِالصِّبْيَانِ مِنْ عَادَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، و َكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ تُلُقِّيَ بِالصِّبْيَانِ ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِمْ فَيُرْفَعُونَ إِلَيْهِ ، فَيُرْفَعُ مِنْهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ ، وَ يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْمِلُوا بَعْضَهُمْ ، وَ كَانَ يُؤْتَى بِالصَّبِيِّ الصَّغِيرِ لِيَدْعُوَ لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَ لِيُسَمِّيَهُ ، فَيَأْخُذَهُ فَيَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ ، فَرُبَّمَا بَالَ الصَّبِيُّ ثُمَّ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدُ .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَكُونَ مَعَ كَافَّةِ الْخَلْقِ مُسْتَبْشِرًا طَلْقَ الْوَجْهِ رَقِيقًا ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « أَتَدْرُونَ عَلَى مَنْ حُرِّمْتِ النَّارُ ؟ ، قَالُوا : اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : عَلَى اللَّيِّنِ الْهَيِّنِ السَّهْلِ الْقَرِيبِ » ، وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ » .
وَ مِنْهَا أَنْ لَا يَعِدَ مُسْلِمًا بِوَعْدٍ إِلَّا وَ يَفِيَ بِهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « الْعِدَةُ عَطِيَّةٌ » ، وَ قَالَ: « الْعِدَةُ دَيْنٌ » ، وَ قَالَ : « ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَ إِنْ صَامَ وَ صَلَّى : مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَ إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ » .
وَمِنْهَا : أَنْ يُنْصِفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ لَا يَأْتِيَ إِلَيْهِمْ إِلَّا بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا » .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَزِيدَ فِي تَوْقِيرِ مَنْ تَدُلُّ هَيْئَتُهُ وَ ثِيَابُهُ عَلَى عُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ فَيُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ .
وَ مِنْهَا : أَنْ يُصْلِحَ ذَاتَ الْبَيْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَهْمَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، وَ فِي الْحَدِيثِ: « لَيْسَ بِكَذَّابٍ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَالَ خَيْرًا » ، وَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ لِأَنَّ تَرْكَ الْكَذِبِ وَاجِبٌ ، وَ لَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ إِلَّا بِوَاجِبٍ آكَدَ مِنْهُ ، وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « كُلُّ الْكَذِبِ مَكْتُوبٌ إِلَّا أَنْ يَكْذِبَ الرَّجُلُ فِي الْحَرْبِ فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ ، أَوْ يَكْذِبَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا ، أَوْ يَكْذِبَ لِامْرَأَتِهِ لِيُرْضِيَهَا » .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ » ، وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « لَا يَرَى الْمُؤْمِنُ مِنْ أَخِيهِ عَوْرَةً فَيَسْتُرُهَا عَلَيْهِ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ » .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَتَّقِيَ مَوَاضِعَ التُّهَمِ صِيَانَةً لِقُلُوبِ النَّاسِ عَنْ سُوءِ الظَّنِّ وَ لِأَلْسِنَتِهِمْ عَنِ الْغِيبَةِ ، فَإِنَّهُمْ إِذَا عَصَوُا اللَّهَ بِذِكْرِهِ وَ كَانَ هُوَ السَّبَبَ فِيهِ كَانَ شَرِيكًا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَ لَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) الْأَنْعَامِ: 108.
وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « كَيْفَ تَرَوْنَ مَنْ سَبَّ أَبَوَيْهِ ؟ ، فَقَالُوا : وَ هَلْ مِنْ أَحَدٍ يَسُبُّ أَبَوَيْهِ ؟ ، فَقَالَ: نَعَمْ يَسُبُّ أَبَوَيْ غَيْرِهِ فَيَسُبُّونَ أَبَوَيْهِ » . وَ قَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : « مَنْ أَقَامَ نَفْسَهُ مَقَامَ التُّهَمِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ » .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَشْفَعَ لِكُلِّ مِنْ لَهُ حَاجَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةٌ وَ يَسْعَى فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ بِمَا يَقْدِرُ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا » صحيح .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَبْدَأَ مَنْ يَلْقَى بِالسَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ ، وَ يُصَافِحَهُ عِنْدَ السَّلَامِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَ إِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) النِّسَاءِ: 86 .
وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَ لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ ، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ » .
وَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَ إِذَا سَلَّمَ عَنِ الْقَوْمِ وَاحِدٌ أَجْزَأَ عَنْهُمْ » . وَ كَانَ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَمُرُّ عَلَى الصِّبْيَانِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ ، وَ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ ، وَ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا وَ عُصْبَةٌ مِنَ النَّاسِ قُعُودٌ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ بِالسَّلَامِ ، وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى مَجْلِسٍ ، فَلْيُسَلِّمْ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ ، ثُمَّ إِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الْأَخِيرَةِ ». وَ رُوِيَ أَنَّ مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الْمُصَافَحَةُ .
وَ قَالَ الحسن : " الْمُصَافَحَةُ تَزِيدُ فِي الْوُدِّ " . وَلَا بَأْسَ بِقُبْلَةِ يَدِ الْمُعَظَّمِ فِي الدِّينِ تَبَرُّكًا بِهِ وَ تَوْقِيرًا لَهُ ، وَ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَذِنَ فِي تَقْبِيلِ يَدِهِ وَرَأْسِهِ .
وَ الِانْحِنَاءُ عِنْدَ السَّلَامِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ . وَالِالْتِزَامُ وَ التَّقْبِيلُ قَدْ وَرَدَ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ . وَ الْأَخْذُ بِالرِّكَابِ فِي تَوْقِيرِ الْعُلَمَاءِ وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ ، فَعَلَ ذَلِكَ " ابْنُ عَبَّاسٍ " بِرِكَابِ " زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ".
وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لَا يُقِمِ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ وَ لَكِنْ تَوَسَّعُوا وَ تَفَسَّحُوا » .
و َيُسْتَحَبُّ لِلدَّاخِلِ إِذَا سَلَّمَ وَلَمْ يَجِدْ مَجْلِسًا أَنْ لَا يَنْصَرِفَ بَلْ يَقْعُدُ وَرَاءَ الصَّفِّ . كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ : فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ -، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَوَجَدَ فُرْجَةً فَجَلَسَ فِيهَا ، وَ أَمَّا الثَّانِي فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ ، وَ أَمَّا الْآخَرُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، قَالَ لَهُمْ : « أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ : أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ ، وَ أَمَّا الثَّانِي فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ » . وَ سَلَّمَتْ " أم هانئ " عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ ، فَقِيلَ لَهُ : " أم هانئ " ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : مَرْحَبًا يَا أم هانئ .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَصُونَ عِرْضَ أَخِيهِ وَ نَفْسِهِ وَ مَالِهِ عَنْ ظُلْمِ غَيْرِهِ مَهْمَا قَدَرَ ، وَ يَرُدَّ عَنْهُ وَيُنَاضِلَ دُونَهُ وَ يَنْصُرَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى أُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ عِرْضُهُ وَتُسْتَحَلُّ حُرْمَتُهُ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نَصْرَهُ ، وَ مَا مِنِ امْرِئٍ خَذَلَ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْضِعٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ».
وَ مِنْهَا : تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْعَاطِسِ: « يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ » ، وَ يَقُولُ الَّذِي يُشَمِّتُهُ : « يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ » ، وَ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْعَاطِسُ فَيَقُولُ: « يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ » ؛ وَيُسْتَحَبُّ إِذَا عَطَسَ أَنْ يَغُضَّ صَوْتَهُ و َيُخَمِّرَ وَجْهَهُ ، وَ إِذَا تَثَاءَبَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ .
وَ مِنْهَا : أَنَّهُ إِذَا بُلِيَ بِذِي شَرٍّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجَامِلَهُ وَ يَتَّقِيَهُ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : " خَالِصِ الْمُؤْمِنَ مُخَالَصَةً ، وَ خَالِقِ الْفَاجِرَ مُخَالَقَةً ، فَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرْضَى بِالْخُلُقِ الْحَسَنِ فِي الظَّاهِرِ " .
وَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : " إِنَّا لَنَبَشُّ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَ إِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ " ، وَ هَذَا مَعْنَى الْمُدَارَاةِ وَ هُوَ مَعَ مَنْ يُخَافُ شَرُّهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) الْمُؤْمِنُونَ 96 وَ فُصِّلَتْ 34 ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَ يَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ) الرَّعْدِ 22، وَ الْقَصَصِ 54 ، أَيِ : الْفُحْشَ وَ الْأَذَى بِالسَّلَامِ وَ الْمُدَارَةِ ، وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَ لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) الْبَقَرَةِ 251 وَ الْحَجِّ40 ، قَالَ : " بِالرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ وَ الْحَيَاءِ وَ الْمُدَارَاةِ " ، وَ قَالَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : « اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، فَقَالَ : ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ هُوَ ، فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً ، فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ لَهُ : لَمَّا دَخَلَ قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ ! ، فَقَالَ : يَا عائشة إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ » .
وَ فِي الْخَبَرِ : " مَا وَقَى الرَّجُلُ بِهِ عِرْضَهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ " ، وَ قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : " لَيْسَ بِحَكِيمٍ مَنْ لَا يُعَاشِرُ بِالْمَعْرُوفِ مَنْ لَا يَجِدُ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ بُدًّا حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ فَرَجًا " .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَخْتَلِطَ بِالْمَسَاكِينِ وَ يُحْسِنَ إِلَى الْأَيْتَامِ ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ أَحْيِنِي
مِسْكِينًا وَ أَمِتْنِي مِسْكِينًا وَ احْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ » . وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُلْكِهِ ، كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى مِسْكِينًا جَلَسَ إِلَيْهِ و َقَالَ : " مِسْكِينٌ جَالَسَ مِسْكِينًا " ؛ وَ فِي الْخَبَرِ : " لَا تَغْبِطَنَّ فَاجِرًا بِنِعْمَةٍ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي إِلَامَ يَصِيرُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ طَالِبًا حَثِيثًا " .
وَ أَمَّا الْيَتِيمُ : فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ » ، وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ - وَ هُوَ يُشِيرُ بِأُصْبُعَيْهِ - » ، وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ تَرَحُّمًا كَانَتْ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَمُرُّ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَةٌ » ، وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « خَيْرُ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ ، وَ شَرُّ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ » .
وَ مِنْهَا : النَّصِيحَةُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَ الْجُهْدُ فِي إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِهِ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ » ، وَ عَنْهُ : « مَنْ أَقَرَّ عَيْنَ مُؤْمِنٍ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ، وَ عَنْهُ: « مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ مَغْمُومٍ أَوْ أَعَانَ مَظْلُومًا غُفِرَ لَهُ » ، وَ عَنْهُ : « إِنَّ مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ وَ أَنْ يُفَرِّجَ عَنْهُ غَمًّا أَوْ يَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنًا أَوْ يُطْعِمَهُ مِنْ جُوعٍ » .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَعُودَ مَرْضَاهُمْ ؛ وَ أَدَبُ الْعَائِدِ : خِفَّةُ الْجِلْسَةِ وَ قِلَّةُ السُّؤَالِ وَ إِظْهَارُ الرِّقَّةِ وَ الدُّعَاءُ بِالْعَافِيَةِ وَ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْ عَوْرَاتِ الْمَوْضِعِ . وَ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ لَا يُقَابِلُ الْبَابَ ، وَ يَدُقُّ بِرِفْقٍ ، وَ لَا يَقُولُ: " أَنَا " إِذَا قِيلَ لَهُ مَنْ ؟ .
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ - : « إِذَا عَادَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ أَوْ زَارَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مَنْزِلًا فِي الْجَنَّةِ » ، وَعَنْ عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: « مَرِضْتُ ، فَعَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . أُعِيذُكَ بِاللَّهِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ مِنْ شَرِّ مَا تَجِدُ قَالَهُ مِرَارًا » ؛ وَ يُسْتَحَبُّ لِلْعَلِيلِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ : " أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَ قُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ " ، وَ قَالَ طَاوُوسٌ : " أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ أَخَفُّهَا ". وَ جُمْلَةُ أَدَبِ الْمَرِيضِ حُسْنُ الصَّبْرِ ، وَ قِلَّةُ الشَّكْوَى وَ الضَّجَرِ ، وَ الْفَزَعُ إِلَى الدُّعَاءِ ، وَ التَّوَكُّلُ بَعْدَ الدَّوَاءِ عَلَى خَالِقِ الدَّوَاءِ .
وَ مِنْهَا : أَنْ يُشَيِّعَ جَنَائِزَهُمْ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « مَنْ شَيَّعَ جِنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ مِنَ الْأَجْرِ ، فَإِنْ وَقَفَ حَتَّى دُفِنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ وَالْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ » ، - جَبَلٌ عَظِيمٌ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ - وَ الْقَصْدُ مِنَ التَّشْيِيعِ قَضَاءُ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَ الِاعْتِبَارُ .
وَ مِنْهَا : أَنْ يَزُورَ قُبُورَهُمْ ، وَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ الدُّعَاءُ وَ الِاعْتِبَارُ وَ تَرْقِيقُ الْقَلْبِ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا إِلَّا وَ الْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ » صحيح .
وَ عَنْ حَاتِمٍ الْأَصَمِّ : " مَنْ مَرَّ بِالْمَقَابِرِ فَلَمْ يَتَفَكَّرْ لِنَفْسِهِ وَ لَمْ يَدْعُ لَهُمْ فَقَدْ خَانَ نَفْسَهُ وَ خَانَهُمْ ".
وَ قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ : " خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْقُبُورِ بَكَى ، وَ قَالَ: " يَا ميمون هَذِهِ قُبُورُ آبَائِي كَأَنَّهُمْ لَمْ يُشَارِكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي لَذَّاتِهِمْ ، أَمَا تَرَاهُمْ صَرْعَى قَدْ حَلَّتْ بِهِمُ الْمَثُلَاتُ ، وَ أَصَابَ الْهَوَامُ مِنْ أَبْدَانِهِمْ ، ثُمَّ بَكَى وَ قَالَ : " وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَنْعَمَ مِمَّنْ صَارَ إِلَى هَذِهِ الْقُبُورِ وَ قَدْ أَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ " .
وَ آدَابُ الْمُعَزِّي : خَفْضُ الْجَنَاحِ ، وَ إِظْهَارُ الْحُزْنِ ، وَ قِلَّةُ الْحَدِيثِ وَ تَرْكُ التَّبَسُّمِ .
وَ آدَابُ تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ : لُزُومُ الْخُشُوعِ ، وَ تَرْكُ الْحَدِيثِ ، وَ مُلَاحَظَةُ الْمَيِّتِ ، وَ التَّفَكُّرُ فِي الْمَوْتِ وَ الِاسْتِعْدَادُ لَهُ . وَ الْإِسْرَاعُ بِالْجِنَازَةِ سُنَّةٌ .
فَهَذِهِ جُمَلُ آدَابٍ تُنَبِّهُ عَلَى آدَابِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ عُمُومِ الْخَلْقِ ، وَ الْجُمْلَةُ الْجَامِعَةُ فِيهِ :
أَنْ لَا تَسْتَصْغِرَ مِنْهُمْ أَحَدًا حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا فَتَهْلِكَ لِأَنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّهُ خَيْرٌ مِنْكَ ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، فَلَعَلَّهُ يُخْتَمُ لَكَ بِمِثْلِ حَالِهِ وَ يُخْتَمُ لَهُ بِالصَّلَاحِ ، وَ لَا تَنْظُرْ إِلَيْهِمْ فِي حَالِ دُنْيَاهُمْ بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ فَإِنَّ الدُّنْيَا صَغِيرَةٌ عِنْدَ اللَّهِ صَغِيرٌ مَا فِيهَا ، وَ لَا تَبْذُلْ لَهُمْ دِينَكَ لِتَنَالَ مِنْ دُنْيَاهُمْ فَتَصْغُرَ فِي أَعْيُنِهِمْ ثُمَّ تُحْرَمَ دُنْيَاهُمْ ، وَ لَا تُعَادِهِمْ بِحَيْثُ تُظْهِرُ الْعَدَاوَةَ إِلَّا إِذَا رَأَيْتَ مُنْكَرًا فِي الدِّينِ فَتُعَادِي أَفْعَالَهُمُ الْقَبِيحَةَ ، وَ لَا تَسْكُنْ إِلَيْهِمْ فِي ثَنَائِهِمْ عَلَيْكَ فِي وَجْهِكَ وَ حُسْنِ بِشْرِهِمْ لَكَ فَقَدْ لَا يَكُونُ لِذَلِكَ حَقِيقَةٌ بَاطِنًا ، وَ لَا تَشْكُ إِلَيْهِمْ أَحْوَالَكَ فَيَكِلَكَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ ، وَ لَا تَطْمَعْ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْغَيْبِ وَ السِّرِّ كَمَا فِي الْعَلَانِيَةِ فَذَلِكَ طَمَعٌ كَاذِبٌ ، وَ لَا تَطْمَعْ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ فَتَسْتَعْجِلَ الذُّلَّ ، وَ إِذَا سَأَلْتَ أَخًا مِنْهُمْ حَاجَةً قَضَاهَا فَهُوَ أَخٌ مُسْتَفَادٌ ، وَ إِنْ لَمْ يَقْضِ فَلَا تُعَاتِبْهُ فَيَصِيرَ عَدُوًّا تَطُولُ عَلَيْكَ مُقَاسَاتُهُ ، وَ لَا تَشْتَغِلْ بِوَعْظِ مَنْ لَا تَرَى فِيهِ مَخَايِلَ الْقَبُولِ فَلَا يَسْمَعُ مِنْكَ وَ يُعَادِيكَ ، وَ لْيَكُنْ وَعْظُهُ عَرَضًا وَ اسْتِرْسَالًا مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ عَلَى الشَّخْصِ ، وَ إِذْ بَلَغَكَ مِنْهُمْ غِيبَةً أَوْ رَأَيْتَ مِنْهُمْ شَرًّا فَكِلْ أَمْرَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِمْ ، وَ لَا تَشْغَلْ نَفْسَكَ بِالْمُكَافَأَةِ فَيَزِيدَ الضَّرَرُ ، وَ كُنْ فِيهِمْ سَمِيعًا لِحَقِّهِمْ أَصَمَّ عَنْ بَاطِلِهِمْ نَطُوقًا بِحَقِّهِمْ ، وَ احْذَرْ صُحْبَةَ أَكْثَرِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ لَا يُقِيلُونَ عَثْرَةً وَ لَا يَغْفِرُونَ زَلَّةً وَ لَا يَسْتُرُونَ عَوْرَةً ، وَ يُحَاسِبُونَ عَلَى النَّقِيرِ وَ الْقِطْمِيرِ وَ يَحْسُدُونَ عَلَى الْقَلِيلِ وَ الْكَثِيرِ ، وَ لَا تُعَوِّلْ عَلَى مَوَدَّةِ مَنْ لَمْ تَخْبَرْهُ حَقَّ الْخِبْرَةِ بِأَنْ تَصْحَبَهُ مُدَّةً فَتُجَرِّبَهُ فِي أَحْوَالِهِ ، أَوْ تُعَامِلَهُ بِالدِّينَارِ وَ الدِّرْهَمِ أَوْ تَقَعَ فِي شِدَّةٍ فَتَحْتَاجَ إِلَيْهِ أَوْ تُسَافِرَ مَعَهُ ، فَإِنْ رَضِيتَهُ فِي هَذِهِ هَذِهِ الاحوال فتاخذه اب لك ان كان كبيرا وابنا لك ان كان صغيرا
او اخا ان كان مثلا لك