البحث
الحـوار: مدخل لغوي
أولاً: الحـوار: (أ) مدخل لغوي:
قال في لسان العرب:" الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، حار إلى الشيء وعنه حَوْراً ومَحَاراً ومَحارَة وحؤوراً: رجـع عنه وإليه " ([1]) وقال أحمد بن فارس:" الحاء والواو والراء ثلاثة أصول أحدها لون، والآخر الرجوع، والثالث أن يدور الشيء دوراً.. فأما الأول فالحَوَر: شدة بياض العين في شدة سوادها.. ويُقال: حوّرتُ الثياب أي بيضتها... ويقال لأصحاب عيسى عليه السلام حواريون لأنهم كانوا يحوّرون الثياب أي يبيضونها، هذا هو الأصل ثم قيل لكل ناصر حَوَاري.. وأما الرجوع فيقال: حار إذا رجع، قال الله تعالى ] إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ [ (الانشقاق:14) والعرب تقول: الباطل في حور، أي رجع ونقص، وكل نقص ورجوع حُوُر.. وتقول: كلمته فما رجع إليّ حِواراً وحَوَاراً ومَحْوَرة وحَوِيراً.. والأصل الثالث: المحور: الخشبة التي تدور فيها المحالة " ([2]) ويوضح اللسان المعنى الذي يدخل في موضوعنا من مادة "حور" فيقول: "وكلمته فما رجـع إليَّ حَوَاراً وحِوَاراً ومُحاورةً وحَوِيراً ومَحْوَرةً.. أي جواباً، وأحار عليه جوابه: ردّه، والمحاورة: المجاوبة " ([3]).
ولفظ المحاورة كان مستعملاً عند عرب الجاهلية بمعناه المعروف اليوم، وقد ورد في معلقة عنترة قوله عن فرسه:
فازورّ من وقـع القَـنا بلَبَـانه وشـكا إليَّ بعَـبرةٍ وتحمحُمِ
لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى ولكان لو علم الكلامَ مكلّمي([4])
إن الأصل الدلالي الحسيّ للمادة إذاً يقوم على معنى الرجوع من شيء إلى شيء أو حال إلى حال، ولكن للمادة شبكة معقدة من الدلالات المتوالدة عبر لغة العرب الواسعة الثرية.
[1] - جمال الدين بن منظور: لسان العرب: حور، ط دار المعارف، القاهرة د. ت.
[2]- أحمد بن فارس: المقاييس في اللغة: حور: 287-288، ط دار الفكر - بيروت 1415هـ- 1994م.
[3]- جمال الدين بن منظور: لسان العرب: حور.
[4] - أبو عبد الله الحسين الزوزني: شرح المعلقات السبع، معلقة عنترة بن شداد: 129، ط مكتبة المعارف - بيروت 1408هـ - 1988 م.
.