1. المقالات
  2. مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله تعالى _ سعيد بن علي بن وهف القحطاني
  3. حكمته في دخوله إلى مكة في جوار المطعم بن عدي

حكمته في دخوله إلى مكة في جوار المطعم بن عدي

ثم سار حتى وصل إلى مكة فأرسل رجلاً من خزاعة إلى مطعم بن عدي ليدخل في جواره، فقال مطعم: نعم، ودعا بنيه وقومه فقال: البسوا السلاح، وكونوا عند أركان البيت، فإني قد أجرت محمداً، فدخل رسول اللَّه  ومعه زيد بن حارثة، حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فقام المُطْعمُ بن عدي على راحلته فنادى: يا معشر قريش إني قد أجرت محمداً، فلا يهجه أحد منكم، فانتهى رسول اللَّه  إلى الركن فاستلمه وصلى ركعتين، وانصرف إلى بيته، والمطعم بن عدي وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته([1]).

وفي هذه المواقف العظيمة التي وقفها النبي  في رحلته إلى الطائف دليل واضح على تصميمه الجازم في الاستمرار في دعوته وعدم اليأس من استجابة الناس لها، وبَحَثَ عن ميدان جديد للدعوة، بعد أن قامت الحواجز دونها في الميدان الأول.

وفي ذلك دليل على أن النبي  كان أستاذاً في الحكمة، وذلك لأنه حينما قدم الطائف اختار الرؤساء وسادة ثقيف في الطائف وقد علم أنهم إذا أجابوه أجابت كل قبائل أهل الطائف.

وفي سيل الدماء من قدمي النبي  – وهو النبي الكريم – أكبر مثل لما يتحمله الداعية في سبيل اللَّه من أذى واضطهاد.

وفي عدم دعائه على قومه، وعلى أهل الطائف، وعدم موافقة ملك الجبال في إطباق الأخْشَبيْن على أهل مكة أكبر مثل لما يتحمله الداعية في صبره على من رد دعوته، وعدم اليأس من هدايتهم، فربما يخرج اللَّه من أصلابهم من يعبد اللَّه لا يشرك به شيئاً.

ومن حكمته  أنه لم يدخل مكة إلا بعد أن دخل في جوار المُطْعم بن عدي، وهكذا ينبغي للداعية أن يبحث عمن يحميه من كيد أعدائه؛ ليقوم بدعوته على الوجه المطلوب([2]).



([1])  انظر: زاد المعاد، 3/33، وسيرة ابن هشام، 2/28، والبداية والنهاية، 3/137، والرحيق المختوم، ص125.

([2])  انظر: السيرة النبوية دروس وعبر لمصطفى السباعي، ص58، وهذا الحبيب يا محبّ، ص134.

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day