البحث
موقفه مع الطفيل بن عمرو الدوسي
من مواقف الحكمة ما فعله رسول اللَّه مع الطفيل بن عمرو الدوسي t، فقد أسلم الطفيل قبل الهجرة في مكة، ثم رجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فبدأ بأهل بيته، فأسلم أبوه وزوجته، قم دعا قومه إلى اللَّه فأبت عليه وعصت، وأبطئوا عليه، فجاء الطفيل إلى رسول اللَّه وذكر لـه أن دوساً هلكت وكفرت وعصت وأبت.
فعن أبي هريرة قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول اللَّه فقال: إن دوساً قد عصت وأبت، فادع اللَّه عليهم، فاستقبل رسول اللَّه القبلة ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا. فقال: ((اللَّهم اهد دوساً وائت بهم، اللَّهم اهد دوساً وائت بهم))([1]).
وهذا يدل على حلم النبي وصبره وتأنيه في الدعوة إلى اللَّه ؛ فإنه لم يعجل بالعقوبة، أو الدعاء على من رد الدعوة؛ ولكنه دعا لهم بالهداية، فاستجاب اللَّه دعاءه، وحصل على ثمرة الصبر والتأني وعدم العجلة، فقد رجع الطفيل إلى قومه، ورفق بهم، فأسلم على يديه خلق كثير، ثم قدم على النبي وهو بخيبر، فدخل المدينة بثمانين أو تسعين بيتاً من دوس، ثم لحقوا بالنبي بخيبر، فأسهم لهم مع المسلمين([2]).
اللَّه أكبر! ما أعظمها من حكمة أسلم بسببها ثمانون أو تسعون أسرة.
وهذا مما يوجب على الدعاة إلى اللَّه العناية بالحلم في دعوتهم، ولا يحصل لهم ذلك إلا بفضل اللَّه ثم معرفة هدي النبي في دعوته.
([1]) البخاري مع الفتح، في كتاب الجهاد، باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم، 6/107 (رقم 2937)، وفي كتاب المغازي، باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي، 8/101، (رقم 4392)، وفي كتاب الدعوات، باب الدعاء على المشركين 11/196 (رقم 6397)، ومسلم، في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل غفار وأسلم وجهينة وأشجع وتميم ودوس وطيئ، 40/1957، (رقم 2524)، وأخرجه أحمد واللفظ لـه، 2/243، 448، وانظر: البداية والنهاية، 6/337، 3/99، وسيرة ابن هشام، 1/407.