1. المقالات
  2. الإستقامة في مائة حديث نبوي
  3. الإستغناء عن سؤال الناس

الإستغناء عن سؤال الناس

الكاتب : محمد زكي محمد خضر
416 2022/03/22 2024/04/24

 عن أبي عبد الرحمن عوف بن مالك الأشجعي قال:

كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة ، فقال: ” ألا تُبايعونَ رَسول اللّه؟ ” ، وكنا حديثي عهد ببيعة ، فقلنا قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: ” ألا تُبايعون رسولَ اللّه؟ ” ، فبسطنا أيدينا وقلنا بايعناك يا رسول الله ، فعلامَ نبايعك؟ قال: ” أن تَعبُدوا اللّهَ ولا تُشركوا به شيئا ، والصَلوات الخَمس ، وتُطيعوا اللّهَ ” ، وأسَرّ كلمة خفية: ”ولا تَسألوا النّاسَ شيئا ” . فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه.

(رواه مسلم)

البيعة لعامة المسلمين حينما كان يأخذها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غالب الأحيان ، كانت تشتمل على أخذ الميثاق بعدم الإشراك بالله وطاعة الله ورسوله في المنشط والمكره (أي فيما يحب المرء وفيما يكره). أما هذه البيعة فهي بيعة خاصة لأولئك النفر ، وهذا هو السر في خفض النبي صوته في أن لا يسألوا الناس شيئا ، فهذه هي العزيمة ، وما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليأخذ عليهم العهد بعدم سؤال الناس شيئا إلاّ بعد أن عرف من نفوسهم الإستعداد لذلك . وعدم سؤال الناس شيئا قد يبدو لأول وهلة هو عدم الإستجداء من الناس. لكن أولئك النفر الكرام قد فهموا أمر رسول الله على عموم لفظه بعدم سؤال الناس أي حاجة كانت حتى ولو كانت مساعدة بسيطة (رغم أن ذلك ليس حراما) ، لأن مثل هذه المسألة هي طلب صدقة ممن يؤديها.

إن سؤال العبد لغير الله فيه شيء من ضعف اليقين بالله تعالى . فالمؤمن قوي اليقين بالله تعالى لايسأل إلاّ الله ولا يستعين إلا بالله كما مر في الحديث . ولذلك فهو يعمل بيده ويكتسب رزقه بيده ويتوكل على الله وهو عزيز النفس لا يستجدي من أحد. وهو يقدم مساعدة لمن احتاج إليها ، وتلك صدقة تكتب له. أما هو فلا يسأل الناس صدقة إن استطاع أن يستغني عنها ، وما أسهل الإستغناء عن كثير من الأمور غير الضرورية بالنسبة للمؤمن . أما ضعيفو الإيمان فيجدون كثيرا من الأمور التافهة ضرورية ، وبذلك تستعبدهم الدنيا فيصبحون عبيدا لشهواتهم ولملذات الدنيا ، ويكونون مستعبدين لمن يستطيع أن يقدم لهم حاجة من حاجات الدنيا التافهة . فالعزيمة في هذا الموضوع هي ترك سؤال الناس والإستغناء عن طلب مساعدتهم كلما كان ذلك ممكنا ، والرضا بما يستطيع المرء أن يفعله أو يحصل عليه بنفسه ، لا تكبرا وإستعلاءا ، بل بأن يرى أن الأمور كلها بيد الله تعالى فلا يسأل أحدا سواه.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day