1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. ومما يدل على حرصه على هداية الناس، وخاصة الزعماء منهم

ومما يدل على حرصه على هداية الناس، وخاصة الزعماء منهم

الكاتب : محمد صالح المنجد
325 2023/12/04 2023/12/04
المقال مترجم الى : English

قوله: "اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل، أو بعمر بن الخطاب".

قال: وكان أحبهما إليه عمر".

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة".

ولا منافاة بين الحديثين؛ قال الألباني رحمه الله: "لا منافاة؛ لاحتمال أن يكون هذا قاله صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، فلما رأى عناد أبي جهل، وإصراره على معاداته صلى الله عليه وسلم؛ دعا لعمر خاصة، واستجاب الله دعاءه، وأعز الله به دينه، كما هو معروف في سيرته رضي الله عنه، وهو ما صرح به عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بقوله: "ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر".

ولما اشتد البلاء من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت عمه خرج إلى الطائف، رجاء أن يؤووه، وينصروه على قومه، ويمنعوه منهم حتى يبلغ رسالة ربه.

ودعاهم إلى الله عز وجل، فلم ير من يؤويه ولا من ينصره، وآذوه أشد الأذى، ونالوا منه ما لم ينل قومه، فأقام بينهم عشرة أيام، لا يدع أحداً من أشرافهم إلا كلمه".

وذلك لأن استجابة الأشراب والكبراء لدعوته يتبعها استجابة من وراءهم من الناس والأتباع.

ومن ذلك: دعوته للطفيل بن عمرو، وهو من سادة قومه.

عن محمد بن إسحاق قالأ: "كان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث أنه قدم مكة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها.

فمشي إليه رجال من قريش – وكان الطفيل رجلاً شريفاً شاعراً لبيباً – فقالوا له: يا طفيل إنك قدمت بلادنا، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا [أي: أشتد أمره علينا]، وقد فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه، وبين الرجل وبين أخيه، وبين الرجل وبين زوجته، وإنا نخشى عليك وعلى قومط ما قد دخل علينا، فلا تكلمنه، ولا تسمعن منه شيئاً.

قال: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئاً، ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا، فرقاً من أن يبلغني شيء من قوله، وأنا لا أريد أن أسمعه.

قال: فغدوت إلى المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة، فقمت منه قريباً، فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله.

فسمعت كلاماً حسناً، فقلت في نفسي: واثكل أمي، والله إني لرجل لبيب شاعر، وما يخفى علي الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان الذي يأتي به حسناً قبلته، وإن كان قبيحاً تركته.

فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فاتبعته، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه.

فقلت: يا محمد، إن قومك قالوا لي كذا وكذا، فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف؛ لئلا أسمع قولك، ثم أبى الله إلا أن يسمعني قولك، فسمعته قولاً حسناً، فاعرض عليَّ أمرك.

فعرض عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، وتلا عليَّ القرآن، فلا والله ما سمعت قولاً قط أحسن منه، ولا أمراً أعدل منه.

فأسلمت، وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا نبي الله إني أمرؤ مطاع في قومي، وأنا راجع إليهم، وداعيهم إلى الإسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عوناً عليهم فيما أدعوهم إليه.

فقال: "اللهم اجعل له آية".

فخرجت إلى قومي، حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر، وقع نور بين عيني مثل المصباح، فقلت: اللهم في غير وجهي، إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي؛ لفراق دينهم.

فتحول، فقوع في رأس سوطي.

فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق، وأنا أهبط إليهم من الثنية، حتى جئتهم، فأصبحت فيهم.

فلما نزلت أتاني أبي، وكان شيخاً كبيراً، فقلت: إليك عني يا أبت، فلست منك، ولست مني.

قال: ولم يا بني؟

قلت: أسلمت، وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم.

قال: أي بني، فديني دينك.

فقلت: فاذهب، فاغتسل، وطهر ثيابك، ثم تعال حتى أعلمك ما علمت.

فذهب، فاغتسل، وطهر ثيابه، ثم جاءه، فعرضت عليه الإسلام، فأسلم.

ثم أتتني صاحبتي، فقلت: إليك عني، فلست منك، ولست مني.

قالت: لم؟ بأبي أنت وأمي.

قلت: قد فرق بين وبينك الإسلام، وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم.

قال: فديني دينك.

قلت: فاذهبي فتطهري.

فاغتلست، ثم جاءت، فعرضت عليها الإسلام، فأسلمت.

ثم دعوت دوساً إلى الإسلام، فأبطئوا عليَّ

ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فقلت له: يا نبي الله أنه قد غلبني على دوس الزنا، فادع الله عليهم.

فقال: "اللهم اهد دوساً، ارجع إلى قومك فادعهم، وارفق بهم".

قال: فلم أزل بأرض دوس، أدعوهم إلى الإسلام حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ومضي بدر، وأحد، والخندق.

ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن أسلم معي من قومي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، حتى نزلت المدينة بسبعين، أو ثمانين بيتاً من دوس.

ثم لحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، فأسهم لنا مع المسلمين.

حتى إذا فتح الله عليه مكة، فقلت: يا رسول الله، ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه.

فخرج إليه، فجعل طفيل يوقد عليه النار، ويقول:

                          يا ذا الكفين لست من عبادكا    

                          ميلادنا أقدم من ميلادكا

                        إني حشوت النار في فؤادكا

ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان معه بالمدينة، حتى قبض الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day