البحث
فكلف حسان بالرد على أعداء الإسلام في شعره
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
اهجوا قريشاً فإنه أشد عليها من رشق النبل. فأرسل إلى ابن رواحة، فقال: اهجهم، فهجاهم، فلم يرض. فأرسل إلى كعب بن مالك. ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه. ثم أدلع لسانه، فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعجل؛ فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسباً حتى يلخص لك نسبي". فأتاه حسان، ثم رجع، فقال: يا رسول الله قد لحص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين. قالت: عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله". وقال: سمعت رسول الله يقول: "هجاهم حسان، فشفى، واشتفى" قال حسان: هجوت محمداً، فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء هجوت محمدا برا حنيفاً رسول الله شيمته الوفاء فإن أبي، ووالده، وعرضي لعرض محمد منكم وقاء ثكلت بنيتي إن لم تروها تثير النقع من كنفي كداء يبارين الأعنة مصعدات على أكتافها الأسل الظماء تظل جيادنا متمطرات تلطمهن بالخمر النساء فإن أعرضتم عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء وإلا فاصبروا لضراب يوم يغز الله فيه من يشاء وقال الله قد أرسلت عبداً يقول الحق ليس به خفاء وقال الله قد يسرت جنداً هم الأنصار عرضتها اللقاء لنا في كل يوم من معد سباب، أو قتال، أو هجاء فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه، وينصره، سواء وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس له كفا
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان: "اهجهم، وجبريل معك".
وعن سعيد بن المسيب قال:
مر عمر في المسجد، وحسان ينشد، فقال: كنت أنشد فيه، وفيه من هو خير منك. ثم التفت إلى أبي هريرة، فقال: أنشدك بالله أسمعت رسول الله يقول: "أجب عني، اللهم أيده بروح القدس". قال: نعم
من فوائد الحديث:
فيه: جواز إنشاد الشعرفي المسجد إذا كان مباحاً، واستحبابه إذا كان في ممادح الإسلام وأهله، أو في هجاء الكفار، والتحريض على قتالهم، او تحقيرهم، ونحو ذلك، وهكذا كان شعر حسان.
وفيه: استحباب الدعاء لمن قال شعراً من هذا النوع.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء، وعبد الله بن روحة بين يديه يمشي، وهو يقول: خلوا بني الكفار عن سبيله اليوم نضربكم على تنزيله ضرباً يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله فقال له عمر: يا ابن رواحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حرم الله تقول الشعر! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "خل عنه يا عمر، فلهي أسرع فيهم من نضح النبل".