البحث
الحديث الحادي والثلاثون: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك
الحديث الحادي والثلاثون: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك
عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك أخرجه مسلم.
"عليك" فيه خطاب الأمر، والأمر للوجوب إلا ما جاء في المعصية، إذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، بنص الخبر الآخر، وقوله بالسمع والطاعة، فيه قبح من أظهر السمع والطاعة للولاة في الظاهر، ثم إذا خلا أظهر المخالفة والتحريش، وهذا من صفات النفاق عياذا بالله، وفيه تلازم السمع والطاعة لولاة الأمور وليس المراد التسليم لكل ما يقال، والسكوت عن كل خطأ، لا، كما تقدم، الدعاء والنصح، وبيان الحق بالأساليب الشرعية.
وفيه أن من علامات صاحب منهج الحق الثبات على المبدأ في جميع أحواله، في العسر واليسر، في المنشط والمكره، وفي ظهور الأثرة؛ ولهذا تجد أن صاحب المبدأ ما يتغير، لكن الذي في قاربه أو في سفينته خروق، كلما سد خرقا انفتح خرق، يتأرجح تارة تراه مادحا ثم ينقلب قادحا، تارة تراه مبغضا ثم محبا، مجرد لما في نفسه، أما إذا أحب للخير وأبغض للشر فنعم، فصاحب المنهج الحق على مبدئه وعلى أصوله في جميع الشئون والأحوال.
وقوله: وأثرة، هنا ظهور خلاف طاعة النبي -عليه الصلاة والسلام- فيمن حرش على الولاة بسبب الأثرة، أنت مأمور بالسمع والطاعة، الأثرة الدنيوية تذهب، هنا تميز طالب العلم أنا وأنت نعلم هذا الحديث، وأمرنا بالسمع والطاعة في طاعة الله، والأثرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: سترون من بعدي أثرة فاصبروا، إذا منافاة الصبر خلاف منهج النبوة.
بعض الناس يقولون إذا نذعن وننكس رءوسنا، لا، انصح وبلغ النصيحة شريطة أن يكون النصح بالأساليب الشرعية، أما التهييج والخروج، فهذا ليس من منهج أهل السنة والجماعة، من منهج الفرق الضالة التي شوهت مجرى التاريخ؛ ولهذا قال العلماء: من الذي أراق دم عثمان ودم علي رضي الله تعالى عنهما، إلا الخروج، وفيه الصبر والاحتساب عند رؤية الأثرة والسعي بالنصح، وفيه أن تأليب الناس عند الأثرة مخالف لمنهج النبي عليه الصلاة والسلام.
وفيه حث الإسلام على أسباب الاجتماع، والتحذير من أسباب الافتراق، وفيه فوائد كثيرة وأعظمها لزوم منهج أهل السنة والجماعة.