البحث
الحديث الثاني والثلاثون: أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما
الحديث الثاني والثلاثون: أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما
عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما متفق عليه.
في الحديث تهذيب الشرع لجارحة اللسان خصوصا ولجميع الجوارح، وفيه تعظيم جانب الأخوة الإسلامية، الأخوة سياج عظيم قوي إياك أن تخرقه بغير حق، إياك أن تسعى في نقده بغير حق فإن الدائرة تكون عليك، وفيه خطورة القول بلا علم، عموما وخصوصا خطورة القدح في عقائد الناس بلا علم، وفيه أيضا أن الجزاء من جنس العمل.
وكما تقدم أن هذه القاعدة جاءت في آيات كثيرة في القرآن، بل الإسلام كله كما يقال: الجزاء من جنس العمل، ويعفو عن كثير، وفيه كمال عدل الله عز وجل، فقد باء بها أحدهما، كاللعن، إذا لعن أحد صاحبه ترتفع اللعنة إلى السماء فتغلق دونها أبواب السماء فترجع، فإن كان الملعون مستحقا لها، وإلا ردت على صاحبها.
وفيه أن العناية بفهم منهج أهل السنة فيه نجاة للعبد من الخلل والشطط والزلل، فهنا يقال: إن هذه الألفاظ تكفير، الناس فيه أيضا على أطراف ثلاثة: قسم يكفر بمجرد أي شيء دون التحقق، وقسم يمنع التكفير بل لا يسمي الكافر كافرا والعياذ بالله، الآخر أو الناس أو الطرف الآخر، والقسم حب التناهي غلط خير الأمور الوسط، من قامت عليه الحجة والمحجة، وعلى قواعد أهل العلم أن من يَكْفُر يكفَّر، أما أن يطلق الإنسان لسانه، كما نسمع الآن هذا كاتب علماني، هذا كذا، ولو قلت لمتكلم أما تتقي الله الآن كفرته، بأي ذنب قتلت، بأي ذنب كفرته، قال: قال كذا، هلا سألته، هلا تأكدت أن قوله هذا صريح الكفر؟
ولهذا كان أهل العلم يشددون في هذه المسألة، التكفير إخراج الناس من دينهم، يذكرون قد ينسى الإنسان قد يغفل قد يكون للتأول له مخرج، اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح، فالقصد من هذا أن أمور التكفير وضوابط التكفير من الأهمية بمكان، فالحذر كل الحذر أن تولج نفسك بابا لا تدري ما وراءه.
لهذا يُنهَى بعض المتسرعين عن إطلاق هذه الألقاب فلان كذا فلان علماني، فلان يعني كافر، فلان كذا، ولو سألتَه لماذا؟ وجدت أنه لم يسأل في هذا إطلاق هذا الحكم، أو سأل من لا علم عنده، فالحذر أيها الأكارم، سأل الشوكاني شيخا له عن تكفير أحدهم فيما أذكر أنه الشوكاني يقول، فيما أذكر الآن والعهد بها بعيد، يقول: ألححت على شيخ لي عن كفر أحد، فلما أضجرته قال: يا بني، إن إخراج رجل من الملة ليس بالشيء الهين، فالحذر أيها الأكارم.