1. المقالات
  2. تدبر حديثًا
  3. الحديث السادس عشر: (اللهم إني أستخيرك بعلمك)

الحديث السادس عشر: (اللهم إني أستخيرك بعلمك)

تحت قسم : تدبر حديثًا
5538 2020/08/10 2020/08/10
المقال مترجم الى : Español English
الحديث السادس عشر: (اللهم إني أستخيرك بعلمك)

روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ، يَقُولُ: " إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي " قَالَ: «وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ»المعاني:

المعاني: 


هَمَّ: أراد وقصد.

مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ: نافلة تطوعا.

أَسْتَخِيرُكَ: أسأل منك أن ترشدني إلى الخير.

أَسْتَقْدِرُكَ: أطلب منك أن تجعلني قادرا عليه، إن كان فيه خيرا.

عَاقِبَةِ َأَمْرِي: ما يأتي بعدُ من أحداث.

أَرْضِنِي: اجعلني راضيا.

الفوائد ( 30 فائدة )

فوائد في دعاء الاستخارة: 

1. مشروعية الاستخارة وأهميتها والمداومة على اللجوء إليها فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمها للصحابة كما يعلمهم السورة من القرآن الكريم.

2. "إذا هم أحدكم بالأمر" يُستثنى من ذلك الطاعات والقربات لأنها كلها خير، فلا يجوز الاستخارة عليها، إلا أنه قد يُستخار في الإتيان بالعبادة في وقت مخصوص كالحج، مثلا في هذه السنة لاحتمال عدو أو فتنة أو حصر عن الحج، وكذلك يحسن أن يستخار في النهي عن المنكر كشخص متمرد عات يخشى بنهيه حصول ضرر عظيم عام أو خاص.

3. في قوله:"أستقدرك" الهمزة والسين والتاء تدلان على الطلب، والمعنى أطلب منك يا إلهي وسيدي أن تقدر لي خير هذا الأمر وأن تعينني على عاقبتي فيه.

4. الباء في قوله "بعلمك" و"بقدرتك" تدل على الاستعانة أي طلب الخير من علم العليم عز وجل وخير قدره.

5. التأكيد على أنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنك" فهو حرف توكيد لمعنى جملة " تقدر ولا أقدر" ونفي علم العبد كذلك مهما بدا له أنه يعلم شيئا وذلك في قوله: "تعلم ولا أعلم".

6. التقديم والتأخير بين العلم والقدرة في بداية الحديث ووسطه، ففي الأول بدأ "بأستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك" وفي الوسط عقب بقوله: "فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم" وهنا لطيفة في بداية الأمر سأل الله بعلمه لأنه يبدأ في شرح حاجته، لكن لأن القضاء لابد له من قدرة عليه بدأ بقدرته عز وجل في وسط الحديث.

7. "فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب" اعتراف واستعطاف لله عز وجل بالإقرار بالضعف والجهل التام أمام قوة وعلم الله تعالى. 

8. "خَيْرٌ لِي فِي دِينِي" أولى الأشياء بالمحافظة عليه هو دين الإنسان فكان أول ما يُسأل عن الخير له قبل الدنيا وأحوال المعيشة.

9. علامة الخير هو تيسيره

"فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي"

فإن تعثَّر أو صَعُب فهذه علامة صرفُ الله عبدَه عن الأمر.

10. لا صحة لما يقوله البعض أن الإنسان يرى رؤية منامية بعد الاستخارة ويرى فيها أضواء خضراء أو حمراء، أو يرى في يقظته إنسان يحبه أو حيوان يكرهه، أو ما أشبه، ويجعلون هذه الأشياء علامة الاستخارة.

11. "واصْرِفْنِي عَنْهُ" قد يظل الإنسان بعد الاستخارة وعدم تيسير الأمر متعلقا بالأمر، فيلجأ لربه ليحوِّل قلبه عن هذا التعلق فيحصل الاطمئنان ظاهرا وباطنا، عقلا وقلبا.

12. قد يصرف الله الإنسان بالاستخارة عن أمر يهواه ويميل إليه ويتمناه، ويقدِّر له أمر يصعب عليه، لأنه يعلم سبحانه أنه خير له، لذلك يقول العبد ثم " ثُمَّ أَرْضِنِي" أي اجعلني راضيا بقضائك واختيارك وإن كان خلاف ما أهوى وأتمنى.

13. الاستخارة تجعل العبد يتريث حين يرى عاقبة أمره على غير ما يهوى ويرجعها لناتج الاستخارة فلا ييأس.

الفوائد العقائدية: 

1. الاستخارة براءة من الشرك للمستخير لإقراره بأن القادر المدبر الذي يعلم الغيب وصالح العبد هو المولى عز وجل.

2. التسليم بقضاء الله وقدره والتيقن بأن عاقبة أمر العبد خيرا حتى وإن خالف هواه.

3. قضاء الله وأمره كله خير، لقوله تعالى: (بيدك الخير) ولقوله صلى الله عليه وسلم في دعاء استفتاح الصلاة عند مسلم: "والخير كله بيديك والشر ليس إليك".

4. قد يرى الإنسان الخير شرا فيكرهه ويرى الشر خيرا ويحبه ويتمناه بسبب قصور نظره وعدم إحاطة علمه، فيخرج الإنسان في الاستخارة من ضعفه وجهله إلى قدرة الله وعلمه المحيط، ويفوض ربه ويتوكل عليه في تيسير الخير،

(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)

(البقرة:216).

5. قوله صلى الله عليه وسلم "وأسالك من فضلك العظيم" إشارة إلى أن إعطاء الرب فضل منه وليس لأحد عليه حق في نعمه، وإشارة إلى سعة فضل الله عز وجل.

6. استأثر الله بعلم الغيب، فلا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم منه إلا ما أوحاه الله إليه.

7. التوسل إلى الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى بين يدي الدعاء "أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك" "علام الغيوب".

*الفوائد الفقهية: -*


1. ركعتي الاستخارة تكون نفلا من غير الفرض لقوله صلى الله عليه وسلم: "ركعتين من غير الفريضة"، والأفضل أن تكون من غير السنن الرواتب وما له سبب، بمعنى أن الأفضل أن لا يكون منويا بها سوى الاستخارة.

2. تصلى ركعتي الاستخارة في كل وقت في اليوم والليلة إلا أوقات التحريم.

3. لو تعذرت الصلاة قبل الدعاء لاستعجال أو حيض أو لوقت تحريم أو غيره، فلا بأس أن يُكتفي بالدعاء.

4. لم يرد- بكسر الراء- تخصيص قراءة لآيات معينة أو سور بعينها في ركعتي الاستخارة، لذا فالقراءة فيهما مطلقة.

5. الاستخارة من الدعاء، ومن أسباب قبول الدعاء التكرار والإلحاح، فلا بأس من تكرار الاستخارة على الأمر الواحد أكثر من مرة.

6. حرف العطف (ثم) يقتضي الترتيب المتراخي بين المتعاطفين، فدل هذا على أن موضع دعاء الاستخارة يكون بعد السلام من الركعتين وليس قبله، وثمة خلاف بين أهل العلم في المسألة.

7. قوله صلى الله عليه وسلم: "من غير الفريضة" يدل على أن نية الفريضة لا يدخل معها نية أخرى، فالفريضة نيتها مستقلة ولا يمكن التشريك فيها.

8. لا يستخير أحد عن أحد، لكن قد يدعو الإنسان دعاء لغيره أن يختار الله له الأصلح فيما يستخير.

الفوائد العامة: 

1. صلاة الاستخارة تدل على أهمية الصلاة في حياة المسلم، إذ أن المستخير لم يقتصر فقط على الدعاء وإنما أضاف إليه ركعتين.

2. قوله (كما يعلمنا السورة من القرآن) يدل على أهمية العناية بالقرآن في حياة المسلم، وأنه أصل العلوم الشرعية.


المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day