البحث
الحديث الحادي والثلاثون: (إن الله يحب الرفق)
روى الشيخان واللفظ للبخاري، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ "
المعاني:
السَّامُ: الموت.
الفوائد ( 27 فائدة)
الفوائد العقائدية:
1. إثبات صفة الحب لله عز وجل على الوجه الذي يليق به تبارك وتعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
2. جواز لعن الكفار على العموم، وعدم جواز لعن المُعيَّن منهم فلعله يُختم له بالإسلام، وذلك لأن اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله عز وجل.
فوائد عن تحية الإسلام:
1. تحية الإسلام كلمة عظيمة وهداية من الله لمن أحبه من خلقه، لما ورد عند الشيخين عن أبي هريرة،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"خلَق الله آدم وطوله ستون ذراعًا، ثم قال: اذهب فسلِّم على أولئك من الملائكة، فاستمع ما يحيونك، تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله"،
فلا ينبغي الاستهتار في إلقائها ولا التهاون في لفظها.
2. تحية "السلام عليكم" جملة تحمل دعاء وخبرا:
فالدعاء: سؤال من الله للذي تُسلِّم عليه أن يسلم من كل سوء وشر في الدنيا والآخرة.
والخبر: حيث تخبر من تُسلِّم عليه أنه يسلم منك ولا يصيبه منك شر أو أذى.
3. أخبر الله عن العداوة والبغضاء في قلوب الكفار للمسلمين بما لا يسمح بالمبادرة بإلقاء السلام عليهم، واستحضار معناه مقابل عداوتهم مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام".
4. إن بدأ غير المسلم بالسلام فهو يفيدك خبرا أنك تسلم منه ومن شره، فيستحق الرد عليه بمثل ما قال.
5. الرد على غير المسلم يكون بكلمة "وعليكم" في كل حال سواء قال "السام" أو "السلام"، لما ورد في الصحيحين "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم"
فوائد عن سلوك اليهود:
1. تحريف الكلام متأصل في اليهود، وقد بدلوا السام بالسلام في هذه الواقعة ونزل فيها قول الله عز وجل:
(وإذا جاءوك حيَّوْك بما لم يحيِّك به الله).
2. فعل اليهود تعبير عن حسدهم على تحية السلام، لما روى أحمد عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما حسَدَتْكم اليهود على شيءٍ ما حسَدَتْكم على السلام والتأمين" صححه الألباني.
فوائد عن أم المؤمنين عائشة:
1. غيرتها على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفاعها عنه.
2. قوة شخصيتها وصلابتها في الرد على اليهود رغم صغر سنها.
3. فطنة السيدة عائشة وذكاؤها رضي الله عنها، ويتضح ذلك في قولها (ففهمتها).
الفوائد الدعوية:
1. محبة الله لشيء تدل على كثرة نفعه وأنه يدخل في أكثر الأمور.
2. حث النبي صلى الله عليه وسلم على الرفق حتى مع أعدى أعدائه.
3. الرفق من أعظم الأسباب الداعية لمحبة الله جل وعلا.
4. الرفق يجعل القلوب تلين على صاحبه فصاحب الرفق محبوب لأنه تبع لمحبة الله.
5. الرفق مع الناس أدعى لقبول الدعوة والنصيحة.
6. ينبغي أن تجتمع الحكمة مع الرفق، فبعض المواضع يفسد الرفق فيها، وثمة مواضع كثيرة يجب فيها الغلظة وربما القتال أيضا.
7. "مهلا يا عائشة" أمرها بالتمهل والرفق في استقبالهم رجاء إسلامهم ليروا أخلاق الإسلام، مع ما بدر منهم من عداوتهم حتى في دخولهم.
الفوائد العامة:
1. حلم النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود ورده عليهم بما يليق بهم.
2. مجالس النبي صلى الله عليه وسلم مجالس لين ورفق ورأفة بالداخل والجالس والسائل والمحتاج والملهوف، من المسلمين وغيرهم.
3. المسلم ينبغي له أن يبتعد عن الفحش من الكلام حتى ولو كان في مقام رد الاعتداء عن نفسه، فيكتفي بما يدفع به عن نفسه ولا يزيد على ذلك.
4. "أولم تسمع ما قالوا" تنبيه المستمع إلى معنى ما إن كان هناك ظن أنه لم يفهمه، أو لم ينتبه له.
5. في الحديث مصداق قول الله تعالى:
(لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا).
6. إذا دعا الداعي بشيءٍ ظُلمًا فإنَّ الله لا يَستجيب له، لما ورد في إحدى روايات الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: "فَيُسْتَجَابُ لِي مِنْهُمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ"، يعني: إن الله يجيب دعوتنا عليهم ولا يجيب دعوتهم علينا.
7. دفاع المرأة عن زوجها.
8. تعليم الرجل امرأته ما يليق وما لا يليق من الكلام والسلوك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما أقر عائشة على لعنها اليهود رغم إساءة اليهود له.