1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. وكان صلى الله عليه وسلم حكيماُ في تعامله مع غيرة نسائه:

وكان صلى الله عليه وسلم حكيماُ في تعامله مع غيرة نسائه:

الكاتب : محمد صالح المنجد
514 2022/12/07 2024/12/18
المقال مترجم الى : English

فإن غيرة المرأة على زوجها هي طبيعة من طبائع الأنوثة التي فطرت عليها.

وفي بعض الآثار: "إن الله كتب الغيرة على النساء".

فالغيرة جزء من طبيعة المرأة وخلقتها، وكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يغرن عليه.

عن عائشة رضي الله عنها:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت عليه [أي: اضطربت أفعالي وتغيرت أحوالي]، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: "ما لك يا عائشة، أغرت؟"، فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقد جاءك شيطانك؟"، قالت: يا رسول الله أو معي شيطان؟ قال: نعم، قلت: ومع كل إنسان؟ قال: نعم، قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: "نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم".

وفي قصة أخرى نرى أن الغيرة تدفع أم المؤمنين عائشة إلى أن تمشي وراء النبي صلى الله عليه وسلم لترى أين يذهب، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي انقلب فوضغ رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويداً، وانتعل رويداً، وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويداً، فجعلت درعي في رأسي، واختمرت، وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع، فقام فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت [الإحضار: العدو]، فسبقته، فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت، فدخل فقال: "ما لك يا عائش حشيا رابية؟"، قلت: لا شيء قال: "لتخبريني، أو ليخبرني اللطيف الخبير"، قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته، قال: "فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟"، قلت: نعم، فلهدني في صدري لهدة أوجعتني ثم قال: "أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟"، فإن جبريل أتاني حين رأيت، فناداني فأجبته، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت، فكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون.

فأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالرغم مما كانت تعرفه من مكانتها من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تغار عليه من سائر زوجاته، بل كانت تغار ممن ماتت من نسائه، فكانت تقول: "ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة".

 وكان النبي صلى الله عليه وسلم حكيماً في معاملته مع نسائه إذا لاحظ عليهن الغيرة، ولم يكن يفعل ما يفعله بعض الناس اليوم، فمن الناس من إذا لاحظ على زوجته غيرة نهرها، وزجرها ونهاها أن تسأل عما يفعل؛ فتكبر بذلك المشكلة، وتزداد غيرة الزوجة، ويزداد شكها؛ وذلك نتيجة سوء تصرف الزوج في مثل هذه المواقف، وفقدانه للحكمة التي ينبغي أن يتعلمها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فكان رسول الله يقابل هذه الغيرة تارة بابتسامة، وتارة بتوجيه لين، وتارة بعتاب إذا مس الأمر غيره.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيه طعام فضرت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم؛ فسقطت الصفحة، فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصفحة ثم جعل فيها الطعام الذي كان في الصفحة، ويقول: "غارت أمكم"، ثم حبس الخادم حتى أتي بصفحة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصفحة الصحيحة إلى التي كسرت صفحتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت.

ففي هذه القصة دلالة على رفقه صلى الله عليه وسلم بأهله، فلم ينهر التي كسرت القصعة، ولم يغضب منها، ولم يقل لها كلمة، بل التمس لها العذر، وفي نفس الوقت لم يبخس حق التي كسرت قصعتها، وإنما ضمن لها مثلها.

قال ابن حجر رحمه الله: "فيها إشارة إلى عدم مؤاخذة الغيراء بما يصدر منها؛ لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوباً بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة".

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day