البحث
خرج مع النبي ﷺ في هذه الغزوة قلة من المنافقين، وحاولوا اغتياله في طريق العودة، فعصمه الله منهم.
وهم خمسة عشر رجلاً تعادهدوا أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادى إذا تسنم العقبة بالليل.
عن أبى الطفيل :
لما أقبل رسول الله ﷺ من غزوة تبوك ، أمر منادياً ، فنادى : إن رسول الله ﷺ أخذ العقبة (1)، فلا يأخذها أحد. فبينما رسول الله ﷺ يقوده حذيفة ، ويسوق به عمار، إذا أقبل رهط متلثمون على الرواحلى ، غشوا عماراً، وهو يسوق برسول الله ﷺ ، وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل . فقال رسول الله ﷺ لحذيفة : " قد،قد " (2) ، حتى هبط رسول الله ﷺ . فلما هبط رسول الله ﷺ نزل ، ورجع عمار. فقال: " ياعمار ، هل عرفت القوم ؟ " . فقال : قد عرفت عامة الرواحل ، والقوم متلثمون. قال : " هل تدرى ما أرادوا ؟" . قال : الله ورسوله أعلم . قال: " أرادوا أن ينفروا برسول الله ﷺ ، فيطر حوء " . فعذر رسول الله ﷺ منهم ثلاثة، قالوا : والله ما سمعنا منادى رسول الله ﷺ ، وما علمنا ما أراد القوم. فقال عمار : أشهد أن الاثنى عشر الباقين حرب لله ولرسوله فى الحياة الدنيا ، ويوم يقوم الأشهاد (3).
وقد أنزل الله فى هؤلاء قوله :
وَهَمُّواْ بِمَا لَمۡ يَنَالُواْۚ
[التوبة :٧٤] .
قال النووى : " وهذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى التى كانت بها بيعة الأنصار رضى الله عنهم ، وإنما هذه عقبة على طريق تبوك ، اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول الله ﷺ فى غزوة تبوك ، فعصمه الله منهم " (4) .
وقال بن الأثير: " قد يظن بعض من لا علم عنده ، أن أصحاب العقبة المذكورين فى هذا الحديث : هم أصحاب العقبة الذين بايعوا النبى ﷺ وفى أول الإسلام، وحاشاهم من ذلك.
إنما هؤلاء قوم عرضوا الرسول الله ﷺ فى عقبة صعدها لما قفل من غزوة تبوك، وقد كان أمر منادياً ، فنادى : " لا يطلع العقبة أحد ، لا يطلع العقبة أحد " ، فلما أخذها النبى ﷺ عرضوا له ، وهم ملثمون ، لئلا يعرفوا ، أرادوا به سوءاً ، فلم يقدرهم الله تعالى " (5).
المراجع
- العقبة : طريق فى الجبل وعر.
- أى : حسبك، وهى بمعنى : كفى كفى .
- رواه أحمد فى مسنده [٢٣٢٨٠]، وقال الهيثمى فى المجمع [١٩٥/٦]: " رجاله رجال الصحيح "، وقال الأرناؤوط : " إسناده قوى على شرط مسلم "، وأصل هذه القصة فى صحيح مسلم [٢٧٧٩] مختصرة .
- شرح النووى على صحيح مسلم [١٢٦/١٧].
- جامع الأصول من أحاديث الرسول [٩٣٠٦/١].