البحث
وافترت اليهود على الله الكذب
ب- وافترت اليهود على الله الكذب، وقالوا عزير ابن الله، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، واتخذوا أحبارهم أربابًا من دون الله؛ يُطلقون عليهم الربانيون، فيفترون على الله الكذب، فيحلون لهم ما حرم الله، ويحرمون عليهم ما أحل الله، فيتبعونهم، وحرفوا كتبهم وكذَّبوا أنبياءهم وقتلوهم، وكذَّبوا عبده ورسوله المسيح عيسى ابن مريم رغم ما ظهر لهم من معجزة ولادته عليه السلام وكلامه في المهد، والمعجزات التي أيده الله بها بعد ذلك، وسبوه، وقالوا فيه قولًا قبيحًا، قاتلهم الله، ونسبوا إلى أمه السيدة مريم العذراء ما يستعف اللسان ذكره، فلقد نسبوا إليها الزنا، قاتلهم الله.
فهي العابدة الزاهدة التقية الصالحة، أيدها ربها تبارك وتعالى بمعجزة كلام ولدها المسيح عيسى ابن مريم في المهد، وبمعجزاته عليه السلام بعد ذلك.
فلقد نسبت هذه الأمة الغضبية إلى المسيح عيسى ابن مريم السحر، وقالوا: إنه ساحر، ولد بغية، ونُسبت أُمه إلى الفجور.([1])
ونَسبت لوطًا عليه السلام إلى أنه وطئ ابنتيه وأولدهما وهو سكران من الخمر، ونسبت سليمان عليه السلام إلى أنه كان ملكًا ساحرًا وكان أبوه عندهم ملكًا مسيحًا، ونسبوا يوسف عليه السلام إلى أنه حل تكة سراويله وتكة سراويل سيدته، وأنه قعد منها مقعد الرجل من امرأته، وأن الحائط انشق له فرأى أباه يعقوب عاضًّا على أنامله، فلم يقم حتى نزل جبريل عليه السلام، فقال: يا يوسف تكون من الزناة وأنت معدود عند الله من الأنبياء، فقام حينئذ، وذلك قولهم، وغير ذلك الكثير والكثير من افتراءاتهم وكذبهم.(2)
ويقولون في صلاتهم في العشر الأول من الشهر من كل سنة :(لم تقول الأمم: أين إلههم؟ انتبه كم تنام يا رب؟ استيقظ من رقدتك).(3)
وهؤلاء إنما أقدموا على هذه الكفريات من شدة ضجرهم من الذل والعبودية، وكذبوا رسوله محمد خاتم المرسلين، وحاربوه، وحاولوا قتله، ولكن الله عز وجل عصمه منهم ونصره عليهم ونصر دينه تبارك وتعالى، ومع كل هذه الافتراءات، فهم يمثلون أنفسهم بعناقيد الكرم وسائر الناس بالشوك المحيط حيطان الكرم.([2])
وهذا من غاية جهلهم وسفههم فإن المعتنين بمصالح الكرم إنما يجعلون على أعالي حيطانه الشوك؛ حفظًا له وحياطة وصيانة، ولسنا نرى لليهود من سائر الأمم إلا الضرر والذل والصغار، كما يفعل الناس بالشوك.([3])