1. المقالات
  2. محمد رسول الله حقًا وصدقًا_محمد السيد محمد
  3. فقه التربية من رسول الله لأصحابه رضي الله عنهم

فقه التربية من رسول الله لأصحابه رضي الله عنهم

فقه التربية من رسول الله لأصحابه رضي الله عنهم

والحب الشديد من أصحابه له 

وتعلقهم واقتدائهم به  وافتدائهم له  بأرواحهم

تربية الرسول  لأصحابه رضوان الله عليهم:

لقد قام رسول الله  بتربية أصحابه حق التربية.

فلقد رباهم  على التوحيد الخالص لله عز وجل وعدم الإشراك به شيئًا.

رباهم  على الامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى، واجتناب نواهيه وتعظيم حرماته جل شأنه.

رباهم  على التمسك بكل فضيلة واجتناب كل رذيلة.

رباهم  على المسارعة والمنافسة والتسابق في فعل الخيرات واجتناب المنكرات.

رباهم  على حب الله سبحانه وتعالى وحب رسوله  أكثر من أنفسهم التي بين جنبيهم، وحب الآخرة وتفضيلها على الدنيا.

رباهم  على الشوق إلى لقاء الله سبحانه وتعالى والفوز برضاه ونعيمه جل شأنه.

لقد رباهم  حق التربية حتى صاروا رجالًا بحق، أهلًا لنصرة دين الله في الأرض، قادرين على حمل لواء هذا الدين العظيم، يفتحون به أنحاء الأرض فتحًا، مؤيدين من قِبَل إلاههم بعد فوزهم برضاه جل شأنه عليهم- رضوان الله عليهم- ولم لا؟

فلقد طهرت نفوسهم وزكت أرواحهم بعد رسالة المصطفى r إليهم.

قال الله تعالى: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)                                                                  [البقرة: ١٥١].

فلقد أصبحوا قادرين على حمل راية التوحيد «لا إله إلا الله» والدعوة إليها، وبالفعل: فلم تمض غير سنوات معدودات إلا وقد انتشر هذا الدين العظيم، وأصبحت راية التوحيد «لا إله إلا الله» عالية خفاقة في شتى بقاع الأرض، وتحطم تحتها ما سواها من شرك وأوثان وطواغيت.

فلقد انهارت أعظم إمبراطوريتين وأعظم قوتين في ذلك الوقت على أيدي المسلمين الفاتحين تحت لواء راية التوحيد «لا إله إلا الله».

وكانت هاتين القوتين هما إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الروم، فالفرس كانوا يعبدون النار، والروم كانوا يشركون بالله سبحانه وتعالى، وينسبون إليه الولد ويعبدون الصليب.

قال رسول الله  لمشركي مكة: ((قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتدين لكم بها العجم)). [صحيح: أخرجه الإمام أحمد والبيهقي].

فالبفعل تحطمت هاتين القوتين على أيدي المسلمين الفاتحين المستمسكين بكتاب الله عز وجل، وسنة رسوله ، المتبعين له r، والمنتهجين بنهجه صلوات الله وسلامه عليه، وتحطمت ما سواهما من قوى الأرض تحت لواء «لا إله إلا الله» مصداقًا لقول رسول الله r، وأقام المسلمون حضارة لا تدانيها أية حضارة مزعومة، أقام المسلمون حضارة سطع ضوءها في شتى بقاع الأرض بعدما طبقوا شرع الله عز وجل، ولم يخافوا فيه جل شأنه أي شيء، فأخاف الله سبحانه وتعالى منهم كل شيء، فكان آنذاك الفتح المبين.

والتاريخ نفسه شاهد بذلك كله بين صفحاته ومسجل بين سطوره تلك الأحداث، ولما ذكرناه وغير ذلك الكثير من فتوحات المسلمين مقرونة بالأرقام والتواريخ، وكل ذلك يدلل على عِظَمِ تربية رسول الله لأصحابه رضي الله عنهم تربية يعجز عنها أحد إلا نبي مرسل من رب العالمين وهو محمد  خاتم الأنبياء والمرسلين.

الحب الشديد من أصحاب رسول الله -رضي الله عنهم- لرسول الله r وتعلقهم واقتداؤهم به وافتداؤهم له  بأرواحهم:

لقد أحب الصحابة رسول الله  حبًا شديدًا، وتعلقوا به  تعلقًا لا يكاد يتصوره عقل، واقتدوا به  في كل شيء من قول وفعل، من عبادات ومعاملات، يحبون ما يحبه  ويكرهون ما يكرهه  ويفتدونه  بأرواحهم، وغزوات رسول الله  شاهدة على ذلك.

ولم يكن هذا كله إلا لأنه  رسول من عند الله سبحانه وتعالى حقًا، اصطفاه ربه تبارك وتعالى، وأحبه فألقى سبحانه وتعالى محبته  في قلوب أصحابه رضي الله عنهم وقلوب كل من آمن به واتبعه .

فكان  أحب إليهم من آبائهم وأمهاتهم وأولادهم، وأحب إليهم من أنفسهم التي بين جنبيهم رضي الله عنهم.

ويدلل على ذلك الكثير والكثير من المواقف الشاهدة على ذلك:

فها هو عروة بن مسعود الثقفي أتى رسول الله  ولم يكن مسلمًا، وذلك بعدما سمعت قريش بخروج النبي  وأصحابه قاصدًا البيت الحرام- الكعبة- لأداء العمرة.

فعقدت مجلسًا استشاريًا قررت فيه صد المسلمين عن البيت كيفما يمكن، فجعل عروة يرمق بعينيه أصحاب رسول الله وعلاقتهم به ، وبعدما رأى من عجيب صنيع أصحاب رسول الله  ما يشهد بعظيم حبهم له  رجع إلى أصحابه فقال: أي قوم والله لقد وفدت على الملوك؛ على قيصر وكسرى والنجاشي- فقيصر هو ملك الروم، وكسرى هو ملك الفرس، والنجاشي هو ملك الحبشة- والله ما رأيت ملكًا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمدٍ محمدًا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبولها.

ولنذكر حدثًا آخر ولنكتفِ به: وهو حدث وفاة رسول الله وأثره على أصحابه رضوان الله عليهم.

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day