البحث
وفاته وتركته
وفاته وتركته
قال عقبة بن علقمة: آخر ما سمعت من الأوزاعي، أنا جلسنا إليه ليلة هلك فيها من الغد، إذ أذن المؤذن، وكان مؤذناً حسن الصوت. فقال: ما أحسن صوته! لقد بلغني أن داود عليه السلام كان إذا أخذ في بعض مزاميره، عكفت الوحوش والطير حوله حتى تموت عطشاً، ثم وجم ساعة، ثم قال: كل أمر لا يُذكر فيه المعاد لا خير فيه، وأقيمت الصلاة، فكان آخر العهد به.
وقال: كان سبب موت الأوزاعي أنه اختضب بعد انصرافه من صلاة الصبح، ودخل في حمام له في منزله، وأدخلت معه امرأته كانوناً فيه فحم لئلا يصيبه البرد، وغلقت الباب من الخارج، فلما هاج الفحم صفرت نفسه، وعالج الباب ليفتحه فامتنع عليه، فألقى نفسه، فوجدناه متوسداً دراعه إلى القبلة.
وكانت وفاته سنة سبع وخمسين ومائة.
قال سالم بن المنذر: لما سمعت الصيحة بوفاة الأوزاعي خرجت. . وخرجت في جنازته أربعُ أمم، ليس منها واحدة مع صاحبتها، وخرجنا يحمله المسلمون، وخرجت اليهود في ناحية، والنصارى في ناحية، والقيط في ناحية.
ودفن في بيروت بجوار مسجد مطل على البحر وعرف المكان باسم منطقة الأوزاعي.
قال العباس بن الوليد: سمعت أصحابنا يقولون: صار إلى الأوزاعي أكثر سبعين ألف دينار - يعني من السلطان - من بني أمية وبني العباس، فلما مات ما خلف ألا سبعة دنانير، بقية من عطائه، وما كان له أرض ولا دار.
قال العباس: نظرنا فإذا هو أخرجها كلها في سبيل الله والفقراء.
وقال: حدثني محمد بن هلال، حدثنا عبدالحميد بن حبيب بن أبي العشرين قال: لما سوينا على الأوزاعي تراب قبره، قام والي الساحل عند رأسه، فقال:
رحمك الله أبا عمرو، فوالله لقد كنتُ لك أشد تقية من الذي ولاني، فمن ظُلِمَ بعدك فليصبر.
رحم الله الإمام الأوزاعي رحمة واسعة وجعله في عليين