البحث
رسالة شفاعة في زيادة الأعطيات
رسالة شفاعة في زيادة الأعطيات
كتب الأوزاعي إلى أمير المؤمنين في زيادة أرزاق أهل الساحل.
فقال:
أما بعد: فإن أمير المؤمنين - أصلحه الله - كتب إليَّ ألا أدع إعلامه كلَّ ما فيه صلاح عامَّة وخاصَّة، فإن الله عز وجل يأجر على من عمل به، ويحسن عليه الثواب.
وأنا أسأل الله عز وجل أن يلهم أمير المؤمنين من أعمال البرَّ ما يبلغه به عفوه ورضواته في دار الخلود.
وقد كان أمير المؤمنين - حفظه الله - قَصَرَ بأهل الساحل على عشرة دنانير في كل عام، سلفاً من أعطياتهم، وأمير المؤمنين - أصلحه الله - إن نظر في ذلك عرف أنه ليس في عشرة دنانير لامرئ ذي عيال عشرة - أو أدنى من ذلك أو أكثر - كفاف. . .
وأهل الساحل بمنزل عظيم غناؤه عن المسلمين. . فهم إذا كان القيظ تناوبوا الحرس على ساحل البحر رجالاً وركباناً، وإذا كان الشتاء قاسوا طول الليل وقرَّه ووحشته، حرساً في البروج، والناس خلفهم في أجنادهم في البيوت.
فإن رأى أمير المؤمنين - حفظه الله - أن يأمر لهم في أعطياتهم قدر الكفاف، ويجريه عليهم كل عام، فعل.
وقد تصرمت السنة التي كانت تأتيهم فيها عشراتُهم، ودخلوا في غيرها، حتى اشتدت حاجتهم، وظهر عليهم ضرها، وهم رعية أمير المؤمنين، والمسؤول عنهم، فنه راع، وكل راع مسؤول عن رعيته.
وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنه لحبيب إلىَّ أن أفارق الدنيا، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ ظَلَمْتُهَا إِيَّاهُ بِدَمٍ وَلَا مَاله).
أتمَّ الله على الأمير نعمته، وأحسن بلاءه في رعيته.
وقد قدم علينا رسول أمير المؤمنين - أصلحه الله - بالعطية من النفقة والكسوة، التي أمر أمير المؤمنين - عافاه الله - بقسمها في أهل الساحل، فقسمناها فيهم، من دينار لكل رجل ودينارين، وقل المال عن اليتامى والأرامل، فلم يقسم فيهم منه شيء.
ولليتامى والأرامل - وهم من المساكين - في الوجوه الثلاثة في كتاب الله عز وجل، من الصدقات، ومن خمس المغانم، وما أفاء الله على رسوله والمؤمنين من أهل القرى.
فإن رأى أمير المؤمنين - أصلحه الله - أن يبعث بما يقسم فيهم، فعل.
جعل الله أمير المؤمنين برسوله صلى الله عليه وسلم متشبهاً في رأفته ورحمته بالمؤمنين، وأتم عليه نعمته ومعافاته. والسلام عليك ورحمة الله (1).
المراجع
- "الجرح والتعديل" (1/ 193).