1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. وكان صلى الله عليه وسلم يستمع لآرائهم، ويستجيب لمقترحاتهم

وكان صلى الله عليه وسلم يستمع لآرائهم، ويستجيب لمقترحاتهم

الكاتب : محمد صالح المنجد
259 2023/06/11 2024/04/27
المقال مترجم الى : English

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

كنا قعوداً حول رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر في نفر. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا، فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا [أي: يصاب بمكروه من عدو]، وفزعنا. فقمنا، فكنت أول من فزع فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطاً للأنصار لبني النجار، فدرت به هل أجد له باباً، فلم أجد. فإذت ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة – والربيع الجدول – فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "أبو هريرة؟" فقلت: نعم يا رسول الله. قال: "ما شأنك؟" قلت: كنت بين أظهرنا، فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا، فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط، فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي. فقال: "يا أبا هريرة – وأعطاني نعليه – اذهب بنعلي هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه؛ فبشره بالجنة". فكان أول من لقيت عمر، فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة. فقلت: هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعثني بهما، من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه بشرته بالجنة. فضرب عمر بيده بين ثديي؛ فخررت لاستي. فقال: ارجع يا أبا هريرة. فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجهشت بكاء. وركبني عمر، فإذا هو على أثري فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لك يا أبو هريرة". قلت: لقيت عمر، فأخبرته بالذي بعثتني به، فضرب بين ثديي ضربة خررت لاستي وقال ارجع. فقال له رسول الله: "يا عمر ما حملك على ما فعلت". قال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه بشره بالجنة. قال: نعم قال: فلا تفعل؛ فإني أخشى أن يتكل الناس عليها، فخلهم يعملون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فخلهم". فأقر صلى الله عليه وسلم عمر على قوله، وقبل اقتراحه.

"وليس فعل عمر رضي الله عنه ومراجعته النبي صلى الله عليه وسلم اعتراضاً عليه ورداً لأمره، إذ ليس فيما بعث به أبا هريرة غير تطييب قلوب الأمة وبشراهم، فرأى عمر رضي الله عنه أن كتم هذا أصلح لهم وأحرى أن لا يتكلوا، وأنه أعود عليهم بالخير من معجل هذه البشرى. فلما عرضه على النبي صلى الله عليه وسلم صوبه فيه".

من فوائد الحديث:

فيه: جلوس العالم لأصحابه، ولغيرهم من المستفتين، وغيرهم، يعلمهم، ويفيدهم، ويفتيهمز

وفيه: أنه إذا أراد ذكر جماعة كثيرة فاقتصر على ذكر بعضهم ذكر أشرافهم أو بعض أشرافهم، ثم قال: وغيرهم.

وفيه: بيان ما كانت الصحابة رضي الله عنهم عليه من القيام بحقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإكرامه والشفقة عليه، والانزعاج البالغ ما يطرقه صلى الله عليه وسلم.

وفيه: اهتمام الأتباع بحقوق متبوعهم، والاعتناء بتحصيل مصالحه، ودفع المفاسد عنه.

وفيه: جواز دخول الإنسان ملك غيره بغير إذنه إذا علم رضاه بذلك؛ لمودة بينهما أو غير ذلك؛ فإن أبا هريرة رضي الله عنه دخل الحائط، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم ينقل أنه أنكر عليه.

وهذا غير مختص بدخول الأرض بل يجوز له الانتفاع بأدواته، وأكل طعامه، والحمل من طعامه إلى بيته، وركوب دابته، ونحو ذلك من التصرف الذي يعلم أنه لا يشق علي صاحبه.

وفيه: أن الإيمان المنجي من الخلود في النار لا بد فيه من الاعتقاد والنطق.

وفيه: جواظ إمساك بعض العلوم التي لا حاجة إليها؛ لمصلحة أو خوف المفسدة.

وفيه: إشارة بعض الأتباع على المتبوع بما يراه مصلحة، وموافقة المتبوع له إذا رآه مصلحة ورجوعه عما أمر به بسببه. وفيه: جواز قول الرجل للآخر بأبي أنت وأمي.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day