البحث
ولا بد أن نعلم أن المعاق على الحقيقة هو الكافر بالله سبحانه وتعالى
لأن الله خلق له سمعاً، وبصراً، وفؤاداً؛ ليؤمن به ويعبده، ويتبع صراطه المستقيم، فعطل كل ذلك، وكفر بالله الذي خلق، وسواه، وأعطاه السمع، والبصر، والفؤاد:
{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَآ ۚ أُولَٰٓئِكَ كَٱلْأَنْعَٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْغَٰفِلُونَ }
[الأعراف: 179]
فهذا حال الكافر الذي عطل سمعه، وبصره، وفؤاده، فلم يستفد به إلا استفادة الحيوان بحواسه، وذلك في الطعام، والشراب، والجماع.
أما المؤمن فإنه استفاد بحواسه، وعقله الذي منحه الله إياه، فاستعمله فيما خلق له.
ثم إن العمى على الحقيقة ليس فقد البصر، بل العمى الحقيقي هو فقد البصيرة، والإيمان، قال تعالى:
{إِنَّهَا لَا تَعْمَى ٱلْأَبْصَٰرُ وَلَٰكِن تَعْمَى ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ}
[الحج: 46]
"أي: هذا العمى الضار في الدين عمى القلب عن الحق، حتى لا يشاهده كما لا يشاهد الأعمى المرئيات، وأما عمى البصر، فغايته بلغة، ومنفعة دنيوية".
إذا أبصر القلب المروؤة والتقى
فإن عمى العينين ليس بضير
وإن الأعرج، أو المشلول المقعد أحسن حالاً، وأطيب منقلباً من صاحب القدمين واليدين الذي استخدم هذه الجوارح في معاصي الله سبحانه وتعالى.
ولأن يكون المسلم فاقداً لعضو لا يستعمله في معصية خير ممن أوتي هذه الجوارح، وسخرها في خدمة الشيطان.
وإذا قارنا بين فقد البصر مثلاً، وفقد الشر، وبين بتر اليد أو الرجل، وبتر الكرامة والأخلاق، وتشوه الدين؛ لوجدنا الفارق العظيم.
إن تلك المقارنة لتحمل على الحمد والرضا بسلامة ذي العاهة الجسدية من الإصابة بعاهة النفس.
اصبر على غصص البلايا وليكن لك في ثواب الله خير عزاء
وإذا ابتليت فلست أول مبتلى فلكل حي خص نوع بلاء
إن نت لن تصبر لربك راضياً ألجئت بعد العجز والإعياء
وعظ النبي ذوي البلاء مصبراً ومبشراً بالجنة العلياء
حتى تمنوا حين نالوا أجرهم لو نالهم من قبل ضعف الداء
ويزورهم خير البرية عائداً يدعو لهم ودعاه خير دعاء
فإذا رأوا وجه النبي استبشروا من حسن طلعته بقرب شفاء
ويكون في حاجاتهم متواضعاً ومبادراً فيها بحسن قضاء
ما مل منهم لا، ولم يضجر بهم بل سرهم بالطلعة السمحاء
ما بال أهل ذوي الحوائج، والبلا أقصوهم هرباً من الأعباء
ولربما غدر الشقي بأمه ورمى بها كالناقة الجرباء
لا تعجلن، ففي غد لك مثلها شر الديون أذية الآباء
لا تؤذين، ولا تصاحب مؤذياً إن الخسار مقارن الإيذاء
كن للضعاف، وللعجائز خادماً بالبر كل صبيحة ومساء