البحث
وأخبرهم بأنهم أكثر أهل الجنة
فعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار، فرأيت اكثر أهلها النساء".
فهذا تعزيز نفسي للفقراء الذين فاتتهم الدنيا، والأموال.
قال ابن بطال: "ليس قوله: "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء" يوجب فضل الفقير على الغني، وإنما معناه: أن الفقراء في الدنيا أكثر من الأغنياء، فأخبر عن ذلك كما تقول: أكثر أهل الدنيا الفقراء إخباراً عن الحال.
وليس الفقر أدخلهم الجنة، وإنما دخلوا بصلاحهم مع الفقر، فإن الفقير إذا لم يكن صالحاً لا يفضل".
وقال عن كفران العشير: "بين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أراد كفرهن حق أزواجهن، وذلك لا محالة ينقص من إيمانهن، ودل ذلك أن إيمانهن يزيد بشكرهن العشير، وبأفعال البر كلها، فثبت أن الأعمال من الإيمان وأنه قول وعمل، إذ بالعمل الصالح يزيد، وبالعمل السيئ ينقص.
وفيه: دليل أن المرء يعذب على الجحد للفضل، والإحسان، وشكر المنعم.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"قمت على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار".
قال ابن حجر: "(محبوسون) أي: ممنوعون من دخول الجنة مع الفقراء؛ من أجل المحاسبة على المال، وكأن ذلك عن القنطرة التي يتقاصون فيها بعد الجواز على الصراط".
وعن مالك بن دينار قال: قدمت من سفر لي، فلما صرت بالجسر قام العشار [أي: جامع الضرائب، أو الجمارك]، فقال: لا يخرجن من السفينة، ولا يقوم أحد من مكانه، فأخذت ثوبي، فوضعته على عنقي، ثم وثبت، فإذا أنا على الأرض.
فقال لي: ما أخرجك؟
قلت: ليس معي شيء.
قال: اذهب.
فقلت في نفسي: هكذا أمر الآخرة.