1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. وكان صلى الله عليه وسلم يزورهم، ويأكل عندهم، ويرشدهم لأفضل وجوه الصدقة

وكان صلى الله عليه وسلم يزورهم، ويأكل عندهم، ويرشدهم لأفضل وجوه الصدقة

الكاتب : محمد صالح المنجد
226 2023/11/05 2024/04/30
المقال مترجم الى : English

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بير حاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها، ويشرب من ماء فيها طيب. قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية {لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ} [آل عمران 92] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ}، وإن أحب أموالي إليَّ بير حاء، وإنها صدقة لله أرجو برها، وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله، حيث أراك الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين". فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبنى عمه، وكان منهم: حسان، وأبي بن كعب.

وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، وينصحهم في المواضع المناسبة للصدقات.

من فوائد الحديث:

فيه: استحباب الإنفاق مما يحب.

وفيه: مشاورة أهل العلم والفضل في كيفية الصدقات، ووجوه الطاعات، وغيرها.

وفيه: أن الصدقات على الأقارب أفضل من الأجاتب إذا كانوا محتاجين.

وفيه: أن القرابة يرعى حقها في صلة الأرحام، وإن لم يجتمعوا إلا في أب بعيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا طلحة أن يجعل صدقته في الأقربين فجعلها في أبي بن كعب وحسان بن ثابت، وإنما يجتمعان معه في الجد السابع.

وفيه: اتخاذ الحوائط، والبساتين، ودخول أهل الفضل، والعلم فيها، والاستظلال بطلها، والأكل من ثمرها، والراحة والتنزه فيها، وقد يكون ذلك مستحباً يترتب عليه الأجر إذا قصد به إجمام النفس من تعب العبادة، وتنشيطها للطاعة.

وفيه: إباحة الشرب من دار الصديق، ولو لم يكن حاضراً إذا علم طيب نفسه.

وفيه: فضيلة لأبي طلحة؛ لأن الآية تضمنت الحث على الإنفاق من المحبوب، فترقى هو إلى إنفاق أحب المحبوب، فصوب صلى الله عليه وسلم رأيه، وشكر عن ربه فعله، ثم أمره أن يخص بها أهله، وكنى عن رضاه بذلك بقول: "بخ".

وفيه: أن إجمام النفس للعبادة يؤجر عليه الإنسان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل على الأغنياء الأتقياء بساتينهم يستظل بظل، ويأكل من ثمارها، ويتنزه فيها.

تنبيه: الصدقة على الأقارب أفضل من الصدقة على الأجانب إذا كانوا محتاجين؛ لأن بعض الناس يجاملون أقاربهم في الزكاة، فمثلاً يكون القريب مستور الحال، عنده ما يكفيه، فيريد قريبه المزكي أن يعطيه من الزكاة، وهناك فقير محتاج معدم ما عنده شيء لكنه أجنبي عن المزكي، ليس من أقاربه، فلا يعطيه شيئاً، وهذا لا يجوز؛ لأن الزكاة لا يجوز فيها محاباة الأقارب.

لكن إذا اجتمع عندك قريب محتاج، وأجنبي بعيد عنك في النسب محتاج، فمن تقدم؟

الجواب: تقدم القريب المحتاج؛ ليجتمع لك أجر الصدقة، وأجر الصلة.

عن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة"



المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day