البحث
وكان صلى الله عليه وسلم يظهر لهم الاحترام، والتقدير، والاهتمام، والحفاوة
عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أن إباه مخرمة قال له:
يا بني إنه بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية، فهو يقسمها، فاذهب بنا إليه. فذهبنا، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم في منزله. فقال لي: يا بني ادع لي النبي صلى الله عليه وسلم. فأعظمت ذلك، فقلت: أدعو لك رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال: يا بني، إنه ليس بجبار. فدعوته، فخرج، وعليه قباء من ديباج مزرر بالذهب. فقال: "يا مخرمة هذا خبأناه لك" فأعطاه إياه.
(وعليه قباء) قال ابن حجر: "ظاهره: استعمال الحرير. قيل: ويجوز أن يكون قبل النهي، ويحتمل أن يكون المراد أنه نشره على أكتافه؛ ليراه مخرمة كله، ولم يقصد لبسه.
قلت: ولا يتعين كونه على أكتافه بل يكفي أن يكون منشوراً على يديه، فيكون قوله (عليه) من إطلاق الكل على البعض، وقد وقع في رواية حاتم، فخرج ومعه قباء، وهو يريه محاسنه".
وقوله صلى الله عليه وسلم لمخرمة: "خبأت هذا لك" هو من باب التألف.
قال ابن بطال: "المدارة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس، ولين الكلمة وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة، وسل السخيمة".
وفي الحديث: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن تلطفه بأصحابه.