البحث
وكان صلى الله عليه وسلم يراعي مشاعرهم، ويختار الألفاظ المناسبة في تسميتهم
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"انطلقوا بنا إلى البصير الذي في بني واقف نعوده". وكان رجلاً أعمى. قال سفيان: وهم [أي: بنو واقف] حي من الأنصار. فاستعمل النبي صلى الله عليه وسلم لفظاً لا يجرح مشاعره
السر في تسمية الأعمى بصيراً: قال الطحاوي: "تأملنا هذا الحديث؛ لنقف على المعنى الذي من أجله ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل البصير، وهو محجوب البصر، وقد ذكر الله عز وجل من هو مثله في كتابه بالعمى، فمن ذلك قوله تعالى
{ لَّيْسَ عَلَى ٱلْأَعْمَىٰ حَرَجٌ}
[النور: 61]
وقوله:
{ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ أَن جَآءَهُ ٱلْأَعْمَىٰ}
[عبس: 1-2]
فوجدنا الله تعالى قد ذكر من به من العمى بغير ذلك، فقال:
{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى ٱلْأَبْصَٰرُ وَلَٰكِن تَعْمَى ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ}
[الحج: 46]،
فكان في ذلك ما قد دل على أن الأعمى قد يقال له: بصير؛ لبصره بقلبه ما يبصره به، وإن كان محجوب البصر.
فدل ذلك أنه جائز أن يوصف بالعمى الذي يبصر، وجائز أن يوصف بالبصر الذي في قلبه، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل بأحسن أمريه، وإن كان له أن يذكره بالآخر منهما".
وقريب من هذا: نسميتهم اللديغ سليماً تفاؤلاً بالسلامة.
وتسميتهم الصحراء مفازة وهي مهلكة؛ تفاءلاً لصاحبها بالفوز والنجاة.