البحث
فكان صلى الله عليه وسلم يحثهم على الصبر، ويبشرهم بالجنة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه، فصبر، عوضته منهما الجنة".
"بحبيبتيه" أي: عينيه؛ لأنها أحب أعضاء الإنسان إليه؛ لما يحصل له بفقدهما من الأسف على فوات رؤية ما يريد رؤيته من خير؛ فيسر به، أو شر؛ فيجتنبه.
"فصبر" وفي رواية: "من أذهب حبيبتيه فصبر واحتسب، لم أرض له ثواباً دون الجنة".
والمراد أنه يصبر مستحضراً ما وعد الله به الصابر من الثواب، لا أن يصبر مجرداً عن ذلك؛ لأن الأعمال بالنيات.
وابتلاء الله عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه، بل إما لدفع مكروه، أو لكفارة ذنوب، أو لرفع منزلة.
فإذا تلقى ذلك بالرضا؛ تم له المراد، وإلا يصير كما جاء في حديث سلمان: (إن مرض المؤمن يجعله الله له كفارة، وإن مرض الفاجر كالبغير عقله أهله ثم أرسلوه فلا يدري لم عقل، ولم أرسل؟)
"عوضته منهما الجنة" وهذا أعظم العوض؛ لأن الالتذاذ بالبصر يفني بفناء الدنيا، واالتذاذ بالجنة باق ببقائها.
وهو شامل لكل من وقع له ذلك بالشرط المذكور.
قال ابن بطال: "هذا الحديث حجة في أن الصبر على البلاء ثوابه الجنة.
ونعمة البصر على العبد – وإن كانت من أجل نعم الله تعالى – فعوض الله عليها الجنة أفضل من نعمتها في الدنيا؛ لنفاذ مدة الالتذاذ بالبصر في الدنيا، وبقاء مدة الالتذاذ به في الجنة".
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطي أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض
".