1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. وكان صلى الله عليه وسلم يدعو لهم

وكان صلى الله عليه وسلم يدعو لهم

الكاتب : محمد صالح المنجد
207 2023/08/02 2023/08/02

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى مريضاً، أو أتى به؛ قال: "أذهب الباس رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاءك، شفاء لا يغادر سقماً".

فائدة: قال الحافظ: "قد استشكل الدعاء للمريض بالشفاء مع ما في المرض من كفارة الذنوب، والثواب كما تضافرت الأحاديث بذلك.

والجواب: أن الدعاء عبادة، ولا ينافي الثواب والكفارة؛ لأنهما يحصلان بأول مرض، وبالصبر عليه.

والداعي بين حسنتين: إما أن يحصل له مقصوده، أو يعوض عنه بجلب نفع، أو دفع ضر، وكل من فضل الله تعالى".

وعن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما:

ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي! فقال الني صلى الله عليه وسلم: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك". فقالت: أصبر. ثم قالت: إني أتكشف! فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها

(إني أصرع) الصرع نوعان: أحدهما مرض ناتج عن خلل في كهرباء المخ، وله أسباب بعضها معروف، وبعضها غير معروف.

والثاني: ناتج عن مس الجن وصرعه للإنسان، فيصرعه، ويقيمه ويقعده، ويرميه، ويطرحه، ويسقطه، وغير ذلك من الأحوال العجيبة.

وعلى كل حال فهو ابتلاء شديد، وللصابر عليه ثواب عظيم عند الله تعالى.

(إني أتكشف) من الشاف على نفس المرأة المسلمة أن تنكشف أمام الرجال الأجانب؛ لأنها قد تصرع في الطريق، أو في السوق، أو في أي مكان عام، فالمصروع لا يتحكم في زمان الصرع، ولا مكانه.

فهي تصبر على تعب الصرع، لكنها لا تصبر على انكشاف عورتها، مع أنها معذورة؛ لأن الصرع ليس بيدها، فلله درها!

(فقالت: أصبر) كان أمامها خياران: أن يدعو لها النبي صلى الله عليه وسلم، وتشفى، والثاني: أن تصبر، ولها الجنة، فاختارت الباقي على الفاني، احتارت على البديهة دون تفكير، أو تردد، وهذا يدل على شدة إيمانها، ورغبتها فيما عند الله.

هذا بخلاف بعض الناس إذا ذكر له نعيم الجنة فكأنه لا يعنيه، أو لا علاقة له بهذا الأمر.

قال ابن حجر: "وفي الحديث: فضل من يصرع، وأن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة، وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة، ولم يضعف عن التزام الشدة.

وفيه: أن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير، وأن تأثير ذلك، وانفعال البدن عنه أعظم من تأثير الأدوية البدنية، ولكن إنما ينجع بأمرين:

أحدهما: من جهة العليل وهو صدق القصد، والآخر من جهة المداوي وهو قوة توجهه، وقوة فلبه بالتقوى، والتوكل، والله أعلم.

وعن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني.

قال: "إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك".

قال: فادعه.

قال: فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه؛ لتقضى لي، اللهم فشفعه فيَّ.

 تنبيه هام

ليس معنى الحديث التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم بل بدعائه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأعمى كان قد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له كما طلب الصحابة منه الاستسقاء، وقوله: "أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة"، أي: بدعائه وشفاعته لي؛ ولهذا تمام الحديث: "اللهم فشفعه فيَّ".

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day