البحث
وقد عاتبه الله في إعراضه عن الرجل الأعمى
فذكر غير واحد من المفسرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوماً يخاطب بعض عظماء قريش، وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذا أقبل ابن أم مكتوم – وكان ممن أسلم قديماً – فجعل يسأل الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، ويلح عليه، وود النبي صلى الله عليه وسلم أن لو كف ساعته تلك؛ ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل؛ طمعاً ورغبة في هدايته، وعبس في وجه ابن أم مكتوم، وأعرض عنه، وأقبل على الآخر.
فأنزل الله عز وجل:
{عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ﴿١﴾ أَن جَآءَهُ ٱلْأَعْمَىٰ ﴿٢﴾ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ}
[عبس: 1-3]
أي: يحصل له زكاة وطهارة في نفسه
{أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰٓ}
أي يحصل له اتعاظ، وانزجار عن المحارم.
{أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ فَأَنتَ لَهُۥ تَصَدَّىٰ}
أي: أما الغني فأنت تتعرض له؛ لعله يهتدي.
{وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ}
أي: ما أنت بمطالب به إذا لم يحصل له زكاة.
{وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ وَهُوَ يَخْشَىٰ}
أي: يقصدك، ويؤمك؛ ليهتدي بما تقول له،
{فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ}
أي: تتشاغل.
ومن ها هنا أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم ألا يخص بالإنذار أحداً.
بل يساوي فيه بين الشريف والضعيف، والفقير والغني، والسادة والعبيد، والرجال والنساء، والصغار والكبار.
ثم الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه.
عن عائشة قالت:
أنزل: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ} في ابن مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفجعل يقول: يا رسول الله أرشدني. وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه، ويقبل على الآخر، ويقول: أترى بما أقول بأساً. فيقول: (لا) في هذا أنزل
.