البحث
وإذا رأى ﷺ إحداى النساء على خطأ أنكر عليها برفق ولين
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال :
مر النبي ﷺ بامرأة تبكي عند قبرعلى صبي لها ، فقال : " اتقي الله واصبرى " . قالت : إليك عنى ، فإنك لم تصب بمصبتى ، ولم تعرفه . فقيل لها : إنه النبي ﷺ ، فأخذها مثل الموت (1). فأتت باب النبي ﷺ فلم تجد عنده بوابين . فقالت : لم أعرفك . فقال : " إنما الصبر عند الصدمة الأولى " (2).
والمعنى : أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة ، بخلاف ما بعد ذلك ، فإنه على الأيام يسلو .
وفائدة جواب المرأة بذلك : أنها لما جاءت طائعة لما أمرها به من التقوى والصبر معتذرة عن قولها الصادر عن الحزن بين لها أن الحق هذا الصبر أن يكون فى أول الحال ، فهو الذى يترتب عليه الثواب (3).
" اتقى الله واصبرى " الظاهر أن بكاءها كان زائد عن الحد، أو وقعت فى النياجة ؛ لأن البكاء العادى ليس بمنكر .
وجواب النبي ﷺ لها من الأسلوب الحكيم ، وهو تلقى السائل بغير ما يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غيره تنبيهاً على انه الأهم ، والأولى بالسؤال (4).
كأنه يقول لها : دعي الأعتذار فإنى لا أغضب لنفسي ، إنما أغضب الله ، والتقتى إلى ما هو أهم من ذلك .
من فوائد الحديث :
فيه : ما كان فيه ﷺ من التواضع ، والرفق بالجاهل ، ومسامحة المصاب ، وقبول اعتذاره ، وملازمة الأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر مع كل أحد .
وفيه : أن القاضى لا ينبغي له أن يتخذ من يحجبه عن حوائج الناس .
وفيه :أن من أمر بمعروف ينبغي له أن يقبل ،ولو لم يعرف الآمر .
وفيه :أن الجزع من المنهيات ،لأمره لها بالتقوي مقرونا مقرونا بالصبر .
وفيه :الترغيب في احتمال الأذي عند بذل النصيحة ،ونشر الموعظة .(5)
المراجع
- أي :من شدة الكرب الذي أصابها لما عرفت أنه ﷺخجلا منه ومهابة .
- رواه البخاري [1283 ]،ومسلم [926].
- فتح الباري [3\150].
- ينظر :الإيضاح في علوم البلاغة [2\110].
- فتح البارى [ 150/3] .