1. المقالات
  2. لماذا اعتنقنا الإسلام دينا؟ _ سفر أحمد الحمداني
  3. الإسلام والرفق بالحيوان

الإسلام والرفق بالحيوان

الكاتب : سفر أحمد الحمداني

لم تقف الشريعة الإسلامية عند حدود حقوق الإنسان؛ بل تعداها، أن جعلت للحيوان الأعجم حقوقاً، لا يجوز للمسلم أن يعتدي عليها، بل توعد رسول الله r كل من أساء إلى حيوان بالعقوبة عاجلاً أو آجلاً...

فعن عبد الله بن عمر t أن رسول الله r قال: ((عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار،لا هي أطعمتها وسقتها، إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)) رواه مسلم[1].

وعن أبي صالح السمان أن رسول الله r قال: بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئرفملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في هذه البهائم لأجرا؟ فقال: ((في كل كبد رطبة)) رواه مسلم[2].

عن سعيد بن جبيرقال: كنت عند ابن عمرفمروا بفتية أو بنفر نصبوا دجاجة يرمونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها، وقال ابن عمر:((من فعل هذا؟ إن النبي r لعن من فعل هذا)) رواه البخاري[3].

وهذا يدل على تحريم ما يفعله مصارعو الثيران في بعض الدول الغربية، لأن فيه تعذيباً لها بلا فائدة[4].

ومن الإحسان الرفق بالحيوان وترك تعذيبه قال الفقهاء: وجازركوب الثوروتحميله والكراب – حراثة الأرض – على الحمير بلا جهد وضرب، فلا يحملها فوق طاقتها، ولا يضرب وجهها ولا رأسها إجماعاً[5].

ويجب على صاحب الدابة الإعتناء بطعامها وشرابها، فعن سهل بن الحنظلية قال: مررسول الله r ببعيرٍقد لحق ظهرُه ببطنه قال: ((اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة ((رواه أبوداود وقال الألباني صحيح[6].

وقوله: البهائم المعجمة، الحيوانات التي لا تتكلم، ولا تستطيع أن تعبِّر عن حالها، فهي أسيرة بين يدي صاحبها، فالواجب الشرعي رعايتها، وعدم إجادها، ومن لا يرحم لا يرحم...

ومما ذكره ابن الجوزي قال: كان لعمربن عبدالعزيزغلام على بغل له يأتيه بدرهم كل يوم، فجاءه يوماً بدرهم ونصف فقال: ما بدا لك؟

قال: نفقت السوق قال: لا، ولكنك أتعبت البغل أجمه ثلاثة أيام[7].

فلا يجوز إجهاد الدابة، وتحميلها أكثرمن طاقتها، فقد نهى رسول الله r إيذاء البهائم، فعن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله r خلفه ذات يوم، فأسرَّ اليَّ حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله r لحاجته هدفاً أو حائش نخل، قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا جمل! فلما رأى النبي r حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي r فمسح ذفراه فسكت فقال: ((من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل))؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يارسول الله فقال: ((أفلا نتقي الله في هذه البهيمه التي ملكك الله إياها، فإنه شكى اليَّ أنك تُجيعهُ وتُدْئِبُهُ)) رواه أبو داود وصححه الألباني[8].

وهنا بين أوصرح الجمل بأنَّ صاحبه يجيعه ويؤذيه، ويحمله فوق طاقته، وما أجمل ما قاله الشاعر:

جاء الجمل يشتكي ودموعه تسيل      قال يا محمد حملي ثقيل

ومن مآثر سيدنا عمر بن عبدالعزيز، تحديده حمولة البعير بستمائة رطل: أنَّه حين بلغه، أنَّ قوماً يحملون على الجمال ما لا تطيق، وذلك في مصر، كتب إلى واليها يحدِّدُ للبعيربستمائة رطل منه وإبلاغ قرارهذا الناس، وأمره بتنفيذه[9].

فهذا هوديننا، فهذه هي شريعتنا، رعاية للأيتام والأرامل والمساكين، دفاع عن المظلومين، صيانة حقيقية لكرامة الإنسان ذكوراً كاموا أم إناثا، ورفق بالحيوان، وكل ما يشاع في الغرب بأن الإسلام دين الإرهاب فكلام لايمت إلى ديننا بصلة وكل من يسئ الأدب، أو يقوم بجرائم ضدالإنسانية فلا يمثل الأ نفسه فهذا هومنهجنا في الحياة وهذه رسالتنا نحملها إلى الناس.

فأين الغرب من ديننا، ومتى يدافعون عن كرامة الإنسان؟ ومتى يكفون عن إستغلال البشرواحتلال بلدانهم ونهب خيراتها باسم الديمقراطية؟

 



[1] في كتاب السلام باب تحريم قتل الهرة 4/1760 (2242)

[2] المصدر نفسه كتاب السلام باب فضل سقي البهائم المحترمة 4/1761 (2244)

[3] في كتاب الذبائح 5/ 2100(5196)

[4] الإنسان في نظر الإسلام ص 88

[5] المصدر نفسه ص 89

[6] سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، دار الفكر، تحقيق: محمد محي الدين عبدالحميد، مع تعليقات كمال يوسف الحوت، تذييل محمد ناصر الدين الألباني، كتاب الجهاد باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم 2/27 (548)

[7] ومناقب عمر بن عبدالعزيزالخليفة الزاهد، تصنيف الحافظ جمال الدين أبي الفرج عبدالرحمن بن الجوزي القرشي البغدادي المتوفى سنة 597ه- - تعليف الأستاذ نعيم زرزور – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان ط1 1404ه- - 1984م ص 97

[8] سنن أبي داود، كتاب الجهاد باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم 2/27(1249)

[9] الدولة الأموية، عوامل الإزدهار، وتداعيات الإنهيار، د. علي محمد الصلابي، دار المعرفة – بيروت – لبنان ط1 – 1426ه- - 2005م 2/ 2/142

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day