البحث
وجاء دور الإسلام
نعم عاش المسلمون بعد سقوط الخلافة الإسلامية حياة الذُّلِّ والإنكسار، تحت رحمة الإحتلال الكافر، ورغم هذه المأسآة فإن الأمة لا ولن تموت أبداً والعدو يحسب لها الف حساب، فالنسمع ما يقوله أرنولد تونبي في كتابه الإسلام والغرب والمستقبل: إن الوحدة الإسلامية نائمة، ولكن يجب أن نضع في حسابنا أن النائم قد يستيقظ[1].
لقد كان توينبي خائفاً من يقظة المسلمين من جديد، نعم كما تنبأ: ((النائم قد استيقظ))، وما أروع ما قاله عبدالرشيد الإنصاري الذي كان راقص باليه إنكليزي الأصل والجنسية، وسأتكلَّم عن قصة إسلامه إن شاء الله قال: إن المسلم اليوم أشبه برجل قد استيقظ من نوم عميق، وفي الحقيقة لقد كانت ليلة طويلة مظلمة بالنسبة للإسلام، والآن قد لاح الفجر، وقد رفع المسلمون رؤوسهم مرة أخرى عالية في ظل الحرية والإستقلال عن كل شيء، الا عن الله، ولقد استغرق المسلمون في النوم سنوات عديدة، بيد أنهم الآن قد استيقظوا مكبلين بأغلال فكرية، وعليه أن يحيا اليوم الجديد بذهن متفتح وقلب قوي، إن ضوء الإسلاميشع الآن من خلال ضباب فجر جديد، وأنه هو نفس الضوء الذي كان الهاماً لشعوب العالم المستعبدة، يشجعهم على أن يحرروا أنفسهم من نيرالدول الأجنبية، ومن آثارالإنحطاط[2]..
المعاصرون من علمائنا زرعوا في نفوسنا الأمل، أن الإسلام قادم، بل الإسلاميفرض نفسه بديلاً عن مختلف المناهج التي فشلت في قيادة الأمم، لم تستطع الديمقراطيات الغربية واشتراكية ماركس ولينين وغيرها أن يغيروا من واقع الفقراء والمحتاجين شيئاً، بل إستغلوا الناس خدمة لمبادئهم ومن أجل الثروات الهائلة على حساب الغير. وانخدع الكثيرون لمنهجهم من أبناء جلدتنا أن تجد حلاً للوضع المأساوي للأمة العربية والإسلامية، ولكن خابت ظنونهم، ولا أنسى ما كان يقوله فضيلة شيخنا الدكتور عبدالملك السعدي: من ترك حرفاً من كتاب الله، أحوجه الله اليه، فبدأ الكثيرون ممن كانوا يحملون أفكاراً مخالفاً للشرع، بديلاً عن الإسلام، عادوا إلى المكان الذي أنطلقوا منه، واعترفوا خطأ مناهجهم والإعتراف بالخطأ فضيلة...
إننا نجزم أن الإسلام هو الحل، وهو قادم إن شاء الله تعالى، وما نقوله ليس رجماً بالغيب، بل الأمارات قد ظهرت.
يقول الندوي: ولكن برغم ما أصيب به المسلمون من علة وضعف فإنهم هم الأمة الوحيدة على وجه الأرض، التي تعدُّ خصيم الأمم الغربية وغريمتها ومنافستها في قيادة الأمم ومزاحمتها في وضع العالم[3].
ثم فشلت الأنظمة الفردية والأنظمة الجماعية في نهاية المطا1ف.
ولقد جاء دور((الإسلام ))، ودور ((الأمة)) في أشدِّ الساعات حرجاً واضطراباً...
جاء دورالإسلام الذي لا يتنكّر للإبداع المادي في الأرض، لأنه يعده من وظيفة الإنسان الأولى؛ منذ أن عهد الله إليه بالخلافة في الأرض، ويعتبره – تحت شروط خاصة – عبادة لله، وتحقيقاً لغاية الوجود الإنساني[4].
أُمتنا الإسلامية لا تقف عاجزة أمام الحضارة الغربية، ولا نقول هذا الحكم عن فراغ، بل عن واقع من واقعنا الحضاري، بجهود شباب الصحوة الإسلامية في هذا القرن..
يقول يقول أُستاذنا الفاضل الدكتور محسن عبدالحميد: في منظورنا لعالم القرن الواحد والعشرين، نلاحظ قوى أُخرى بدأت تظهر إلى الوجود من الآن، فالقوة الإقتصادية الهائلة لليابان، وقوة الصين العسكرية والبشرية الضخمة ذات الأصول الشرقية للحضارة، ستشكلان في المستقبل أزمة كبيرة أمام وحدة المصالح الغربية، فالشعب الياباني لا يمكن أن ينسى توقيع صك الإستسلام الذي فرض عليه لا بشجاعة الأمريكان وبطولاتهم، وإنما بمفاجآت وحشية القنابل الذرية.
وأما الصين فمرشحةتماماً للإنتقام والوقوف أمام القوة الطاغوتية للحضارة الغربية بقيادة أمريكا.
فإذا كانت الأوضاع الحضارية في الغرب تتوجه من القوة إلى الضعف، فإنه بالعكس من ذلك في العالم الإسلامي، فإنها تتوجه من الضعف إلى القوة للأسباب الآتية:
أولاً: بعد أن انتهى تصور المسلمين في القرون الأخيرة إلى تواكلية مميتة وجهل بسنن الحياة، وتعصب طائفي ومذهبي، ذي نفق مظلم ضيق، بدأت منذ قرن بذور النهضة تنموشيئاً فشيئاً في أرجاء الهالم الإسلامي، حيث ظهرت الدول الحديثة بمؤسساتها العلمية والإقتصادية والسياسية والتربوية.
ثانياً: الشعور بالإنتماء إلى الأُمة الواحدة، سواء الأمة العربية المسلمة أم الأمة الإسلامية الواحدة.
ثالثاً: ظهور وعي شعبي عام في الأُمة الإسلامية، نتيجة لحالة اليقظة الطبيعية، واستجابة للتحديات القائمة، يدعو إلى الإصلاح أحياناً، والى الثورة أخرى، والى الجهاد الشامل ثالثة. إن المرتبطين بأرض الإسلامينظرون إلى يوم تتحد فيه الجهود للدفاع عن أصالة الأُمة ومصالحها.
وسيأتي يوم قريب بإذن الله، ينطم فيه الجميع إلى القافلة الإسلامية، وحينئذ ستتوجه الجهود إلى البناء في ضوء الإسلام الشامل عقيدة وشريعة وأخلاقاً والذي يضم الكل في توجه حضاري واحد[5].
هذا مختصر ما ذكره الكتور محسن عبدالحميد، وإن غداً لناظره لقريب بإذن الله.
[1] قادة الغرب يقولون: دمروا الإسلام أبيدوا أهله. عبدالودود يوسف (جلال العالم) – دار النور للطباعة والنشر 1413ه- - 1994م ص 50 - 51
[2] راقص الباليه ص81
[3] ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين250
[4] معا لم في الطريق سيد قطب – دار الشروق – بيروت ط 6 1399 ه- - 1979م ص 5
[5] مذهبية الحضارة الإسلامية وخصائصها ص201