1. المقالات
  2. مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة - د. خالد بن عبد الكريم اللاحم
  3. المفتاح العاشر: الجهر والتغني.

المفتاح العاشر: الجهر والتغني.

الكاتب : د . خالد بن عبد الكريم اللاحم

 وهذا المفتاح هو أشبه بالحلاوة التي توضع في أدوية الأطفال لتذهب مرارة الدواء، وأشبه الحداء للإبل لتنشط في السير، فالتغني بالكلام مع الجهر ومحاولة التطريب يساعد على مواصلة السير، وهذا أمر مشاهد في واقع الناس في كل كلام يستحسنونه ويتلذذون به وللناس في هذا فنون وفنون بل لهم فيه علوم وفهوم، فأهل اللهو والطرب، وأهل الأوراد والموالات ، والأناشيد، كل هؤلاء يسعون للفت الأنظار لكلامهم وتوصيله إلى قلوب المستمعين له بهذه الطرق وتلك الوسائل وليس في الدنيا كلام يستحق مثل هذه الرعاية وتلك العناية سوى كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فهو الكلام الذي لا يليق بعاقل أن يتغنى بغيره ولا أن يمتع نفسه بسواه على أن يكون في ذلك متبعا لا مبتدعا فيكون تغنيه حسبما ورد عمن أمره بالتغني والجهر به كما تناقله المسلمون جيلا عن جيل وحفظه القراء لنا تاما مضبوطا بحركاته وسكناته هذا في حق القرآن، ويمكن التغني بقراءة السنة بطريقة خاصة بها لا لاعتقاد مشروعيته كما هو في حق القرآن إنما لإعانة النفس على قراءة السنة وطول الوقوف مع أحاديثها والتأمل في معانيها.

 قال أبو هلال العسكري: وينبغي للدارس أن يرفع صوته في درسه حتى يسمع نفسه فإن ما سمعته الأذن رسخ في القلب ولهذا كان الإنسان أوعى لما يسمعه منه لما يقرأه ... وقال : وحكي عن أبي حامد أنه كان يقول لأصحابه: إذا درستم فارفعوا أصواتكم فإنه أثبت للحفظ وأذهب للنوم.(1)

 وعن الزبير بن بكار قال: دخل علي أبي وأنا أروي في دفتر ولا أجهر، أروي فيما بيني وبين نفسي، فقال لي: إنما لك من روايتك هذه ما أدى بصرك إلى قلبك فإذا أردت الرواية فانظر إليها واجهر بها فإنه يكون لك ما أدى بصرك إلى قلبك وما أدى سمعك إلى قلبك.(2) 

الخاتمة

 أخي القارئ ها قد انتهيت من قراءة هذه الرسالة، فماذا فهمت؟ وماذا تنوي أن تفعل؟

 هل ستضع الكتاب في مكانه من مكتبك ثم تنسى ما فيه من العلم إلى الأبد؟  إن كان هذا قرارك فأعد النظر فيه.

لست بهذا الكلام أدعو إلى تكرار قراءة كتابي أو كلامي، بل أدعو إلى تكرار قراءة ما تضمنه من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال السلف في هذه القضية الكبرى في حياتنا.

إن كان هذا قرارك فأنت تكرر معاناة الكثيرين الذين يقولون: نقرأ ولا نتغير ولا نترقى !

 إن القراءة المجردة العابرة لا تحقق تغييرا ولا تأثيرا.

 إن أردت الطريق للتغيير والتطوير فأسأل نفسك: كم سيبقى ما تعلمته من هذا الكتاب حاضرا في قلبك يوم؟ شهر؟ سنة؟

 إنه بقدر حضور هذا العلم في قلبك بقدر ما تحصل من تقدم ورقي وأنت الحكم.

 نسأل الله بمنه وفضله أن يهدينا للصراط المستقيم، ويجعل مآلنا جنات النعيم ، إنه قريب مجيب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. 

------------------------------

1- الحث على طلب العلم 72

2- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2-266


المقال السابق

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day