البحث
وكان صلى الله عليه وسلم يرشدهم لما فيه الخير لهم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى [هو عبد الله ابن أم مكتوم]، فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له. فلما ولى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟" قال: نعم. قال: "فأجب".
وفي هذا دليل على أن حضور الجماعة واجب، ولو كان ذلك ندباً؛ لكان أولى من يسعه التخلف عنها أهل الضرر، والضعف، ومن كان في مثل حال ابن أم مكتوم.
قال ابن رجب: "قد أشكل وجه الجمع بين حديث ابن أم مكتوم وحديث عتبان بن مالك، حيث جعل لعتبان رخصة، ولم يجعل لابن أم مكتوم رخصة؟
فقيل: إن ابن أم مكتوم كان قريباً من المسجد، بخلاف عنبان؛ ولهذا ورد في بعض طرق حديث ابن أم مكتوم: أنه كان يسمع الإقامة.
ويحتمل أن يكون عتبان جعل موضع صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من بيته مسجداً يؤذن فيه، ويقيم، ويصلي بجماعة أهل داره، ومن قرب منه، فتكون صلاته حينئذ في مسجد: إما مسجد جماعة، أو مسجد بيت يجمع فيه.
وأما ابن أم مكتوم فإنه استأذن في صلاته في بيته منفرداً، فلم يأذن له، وهذا أقرب ما جمع به بين الحديثين. والله أعلم.
وكذلك فإن عبور عتبان وهو ضعف البصر الوادي مع وجود السيل يعتبر مهلكة، بل يمكن له بأي حال أن يعبر، بخلاف حالة ابن أم مكتوم، فإنه مجيئه إلى المسجد متيسر.