1. المقالات
  2. كيف عاملهم النبي ﷺ؟
  3. وأول موقف برزت فيه عداوة عبد الله بن أبى ابن سلول للإسلام كان قبل غزوة بدر، قبل أن يظهر إسلامه.

وأول موقف برزت فيه عداوة عبد الله بن أبى ابن سلول للإسلام كان قبل غزوة بدر، قبل أن يظهر إسلامه.

الكاتب : محمد صالح المنجد
140 2024/07/14 2024/07/15


 عن أسامة بن زيد رضى الله عنه أن النبي ﷺ ركب حمارآ عليه إكاف، تحته قطيفة فدكية (1)،  وأردف وراءه أسامة، وهو يعود سعد بن عبادة فى بنى الحارث بن الخزرج، وذاك قبل وقعة بدر.

حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمسلمين والمشركين عبده الأوثان واليهود، فيهم عبدالله بن أبى، وذلك قبل أن يسلم عبد الله (2)، وفى المجلس عبد الله بن رواحة

فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة (3)، خمرعبد الله بن أبى أنفه بردائه، ثم قال : لا تغبروا علينا. 

فسلم عليهم النبى ﷺ(4)، ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن. 

فقال عبد الله بن أبى: أيها المرء، لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقآ، فلا تؤذنا فى مجالسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منا، فاقصص عليه. 

فقال عبد الله بن رواحة: اغشنا فى مجالسنا، فإنا نحب ذلك. 

فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى هموا أن يتواثبوا. 

وفى رواية: "فلما أتاه النبي ﷺ قال : إليك عنى، والله لقد آذانى نتن حمارك. 

فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله ﷺ أطيب ريحاً منك. 

فغضب لعبد الله رجل من قومه فشتمه، فغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب بالجريد والايدى والنعال. 

فلم يزل النبى ﷺ يخفضهم(5)"(6) 

ثم ركب رسول الله ﷺ دابته حتى دخل على سعد بن عبادة فقال: "أى: سعد، ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب ؟(7)، يريد عبد الله بن أبى، قال: كذا وكذا"

فقال سعد:اعف عنه يارسول الله واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذى أعطاك ، ولقد أصطلح أهل هذة البحيرة(8)أن يتوجوه فيعصوه بالعصابة(8)

فلما رد الله ذلك بالحق الذى أعطاكه شرق بذلك(10) ، فذلك فعل به ما رأيت.

فعفا عنه النبى ﷺ، وكان النبى ﷺ وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب امرهم الله ويصبرون على الأذى، 

قال الله عزوجل:

۞لَتُبۡلَوُنَّ فِيٓ أَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ وَلَتَسۡمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ أَذٗى كَثِيرٗاۚ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ

[ال عمران: 186] 

وكان النبىﷺ يتأول العفو مامرة الله به حتى أذن الله فيهم(11)

وعفوه ﷺ عن كثير من المشركين واليهود بالمن والفداء وصفحه عن المنافقين مشهور فى الأحاديث والسير.

فقد ظهر من هذا الحديث حلم النبى، فلم يغضب عندما صدر الاذى من زعيم المنافقين بقوله لرسول الله ﷺ: "لا تغبروا علينا" وخمر أنفه بردائه، وأساء الأدب مع النبى ﷺ حيث ناداه بنداء الاستخفاف بقوله: "ايها المرء"

وقابل النبىﷺ هذا الكلام القبيح بالحلم، فلم يغضب، وعفا عنه.

قال النورى: " وفى هذا الحديث: بيان ما كان عليه النبىﷺ من الحلم، والصفح، والصبرعلى الأذى فى الله تعالى، ودوام الدعاء إلى الله تعالى، وتالف قلوبهم"(12) 

إن النبيﷺ كان مأموراً من ربه فى بداية الدعوة بالعفو والصفح 

فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ

[ البقرة: 109]

فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِين

[ الحجر: 94]

وكانت التوجيهات فى البداية بعدم المواجهه بالسلاح حتى يقوى المسلمون ويستطيعوا المواجهه.

المراجع


(1)لإكاف ما يوضع على الداابة كالبردع،وقوله"فدكيه"نسبه إلى فدك القرية المشهورةن، كأنها صنعت فيها.

(2)أى: قبل ان يظهر الإسلام.

(3)هو ما ارتفع من غبار حوافرها.

(4)فيه:جواز الأبتداء بالسلام على قوم فيهم مسلمون وكفار. شرح النووى على صحيح مسلم [١٥٨/١٢] 

(5)أى: يسكنهم ويسهل الأمر بينهم.

(6)رواة البخارى [٢٦٩٩] ، ومسلم [١٧٩٩] عن أنس بن مالك رضى الله عنه.

(7)كناه النبى ﷺ فى تلك الحالة لكونه كان مشهوراً بها، او لمصلحة التألف.

(8)هذا اللفظ يطلق على القرية وعلى البلدن والمراد به هنا المدينه النبوية.

(9)معناه: اتفقو على أن يجعلوه مالكهم، وكان من عادتهم إذا مالكوا انساناً ان يتوجوه ويعصبوه.

(10)أى: غص، وحسد النبى ﷺ .

(11)رواه البخارى [٦٢٥٤] ومسلم [١٧٩٨]. وقوله: "حتى أذن الله فيهم":أى : فى قتالهم.

(12)شرح النورى على صحيح مسلم [١٥٨/١٢].




المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day