البحث
شكر نعمتك وحُسن عبادتك"... توازن القلب بين الوفرة والعبودية
حين يكتنز الناس الذهب والفضة، تفسُدُ علاقتهم بالنعمة: يراها بعضهم ضمانًا للأمان، وآخرون علامةَ الرضا الإلهي، فيعبدونها من حيث لا يشعرون.
لكن النبي ﷺ، العارف بطبيعة النفس، وجّهك إلى علاجٍ مزدوج:
◄ أن تشكر النعمة، لكن دون أن تسكن إليها،
● وأن تُحسن العبادة، لكن دون أن تجعلها وسيلةً لتوسيع الرزق.
◄ الشكر هو أن ترى يد الله قبل أن ترى المال في يدك،
● وحسن العبادة أن تراها بعد أن تضع المال في يد غيرك.
◄ الشكر يمنعك من أن تنسب النعمة لنفسك،
● وحسن العبادة يمنعك من أن تجعل نفسك ثمنًا لها.
◄ فمن شكر النعمة لم يُغْوِهِ بريقها،
● ومن أحسن العبادة لم يُساوم الله عليها.
إنّ الإنسان حين يغفل عن الشكر، يتحوّل عقله من التذّكر إلى العدّ، فيعدّ ما عنده، وينسى مَن عنده.
وحين يسوء أداؤه في العبادة، تتحول صلاته إلى صفقة، ودعاؤه إلى مطالبة.
فجاء هذا الاقتران النبوي ليُعيد تعريف العلاقة بينك وبين المنعم:
المطلوب أن تزيد النعمة، بل أن تزداد أنت بها إلى الله
◄ الشكرُ يطهّر النعمة من الغرور،
● وحُسن العبادة يطهّر القلب من التجارة مع الله.
وكأنّ النبي ﷺ يقول:
لا تجعل رزقك مقياس رضا الله، بل اجعل رضاك مقياس قبول رزقك... فقد يكون المالُ اختبارًا في ثوب منحة، والمنعُ نعمةً في ثوب محنة، ولا يميّز بينهما إلا قلبٌ شاكرٌ عابدٌ معًا.
العلاقة بالاكتناز:
الاكتنازُ مرضٌ ينشأ من خوف الفقد،
والشكرُ يقتلع هذا الخوف من جذوره، لأن الشاكر يعلم أن المنعم لا تنفد خزائنه.
وحُسن العبادة يمنع أن يتحول الشكر إلى مباهاةٍ أو تصنّعٍ أمام الناس.
فمن جمع بين الشكر والعبادة، عاش أغنى الناس ولو قلّ ماله، ومن فقدهما، عاش أفقر الناس ولو مُلئ بيته ذهبًا.
تطبيقات واقعية اليوم:
شكر النعمة: إخراج حقّ المال فورًا، لا تأجيل الزكاة بحجّة المشاريع.
حسن العبادة: أداء العمل بإتقانٍ ونيةٍ صافية، لا كمعاملةٍ تجارية مع الله.
توازن القلب: لا يغترّ حين يربح، ولا ييأس حين يخسر.
طهارة النية: لا يجعل العطاء استعراضًا رقميًا، بل عبوديةً خفية.
نظرةٌ موحّدة: يرى في كل مالٍ بابًا للشكر لا وسيلةً للزهو.
من شكر النعمة وحسَّن العبادة، أغناه الله مرتين: غِنَى القلب بالرِّضا، وغِنَى الرُّوح بالقرب.