البحث
ولقد عمل الأنبياء في أعمال وحرف عدة، منها: رعي الأغنام
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ما بعث الله نبياً إلا رعي الغنم". فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: "نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة".
الحدادة
قال تعالى:
{وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُۥدَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَٰجِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُۥ وَٱلطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ أَنِ ٱعْمَلْ سَٰبِغَٰتٍۢ وَقَدِّرْ فِى ٱلسَّرْدِ ۖ وَٱعْمَلُوا صَٰلِحًا ۖ إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
[سبأ: 10-11]
النجارة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"كان زكريا عليه السلام نجاراً".
من فوائد الحديث:
فيه: جواز الصنائع
وفيه: أن النجارة لا تسقط المروءة، وأنها صنعة فاضلة
وفيه: فضيلة لزكريا صلى الله عليه وسلم، فإنه كان صانعاً يأكل من كسبه.
وهكذا فعل ورثة الأنبياء من العلماء الربانيين، فاشتهرت أسماء تدل على الصنائع أمثال: البزاز، الجصاص، الخواص، الجزار، الزجاج، الحداد، الحذاء... وغيرها.
وأما الكسل والقعود عن العمل مع القدرة فهو مذموم؛ ولهذا لم يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم لبطال كسول حقاً في صدقات المسلمين؛ وذلك ليدفع القادرين إلى العمل، والكسب الحلال، فقال:
"لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي".
وقال عبد الله بن مسعود: "إني لأمقت الرجل أن أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".
وقال سفيان الثوري رحمه الله: "عليك بعمل الأبطال: الكسب من الحلال، والإنفاق على العيال".
ويقول المثل العربي: "احفر بيراً، وطم بيراً؛ ولا تعطل أجيراً". أي: لابد أن تشغل الشباب، وتعودهم على العمل، وألا يأخذوا المال بلا مقابل، حتى لو اضطررت إلى أن تشغلهم في عمل لا فائدة فيه، فتعويدهم على العمل والجد وترك البطالة يعد من أعظم الفوائد.
يقول الشاعر:
اهجر النوم في طلاب العلاء وصل الصبح دائباً بالمساء
والتمس بالمسير في كل قطر رتبة العارفين والحكماء
إن أمضى الرجال من كان سهما نافذا في حشاشة الغبراء
إنما الأرض والفضاء كتاب فاقرءوه معاشر الأذكياء
وبين لهم من هو المسكين الحقيقي فقال: "ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان".
قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟.
قال: "الذي لا يجد غني يغنيه، ولا يفطن له؛ فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأله الناس".
"ليس المسكين الذي يطوف على الناس"، معناه: المسكين الكامل المسكنة الذي هو أحق بالصدقة، وأحوج إليها ليس هو هذا الطواف، بل هو الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له ولا يسأل الناس، وليس معناه نفي أصل المسكنة عن الطواف، بل معناه نفي كمال المسكنة.