البحث
وربما دخل النبي صلى الله عليه وسلم في جوار بعضهم وحمايته
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف عن أهل الطائف، ولم يجيبوه إلى ما دعوهم إليه من تصديقه، ونصرته صار إلى حراء.
ثم بعث إلى الأخنس بن شريق؛ ليجيره، فقال: أنا حليف، والحليف لا يجير.
فبعث إلى سهيل بن عمرو، فقال: إن بني عامر لا تجير على بني كعب.
فبعث إلى المطعم بن عدي، فأجابه إلى ذلك.
فذهب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبات عنده تلك الليلة، فلما أصبح خرج معه هو وبنوه ستة، أو سبعو متقلدي السيوف جميعاً، فدخلوا المسجد.
وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: طف. واحتبوا بحمائل سيوفهم في المطاف.
فأقبل أبو سفيان إلى مطعم، فقال: أمجير، أو تابع؟
قال: لا، بل مجبر.
قال: إذاً لا تخفر.
فجلس معه حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم طوافه، فلما انصرف انصرفوا معه، وذهب أبو سفيان إلى مجلسه.
قال: فمكث أياماً، ثم أذن له في الهجرة.
فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة توفي المطعم بن عدي بعده بيسير، فقال حسان بن ثابت: والله لأرثينه.
فقال فيما قال:
فلو كان مجد يخلد اليوم واحداً من الناس أبقى مجده اليوم مطعما
أجرت رسول الله منهم، فأصبحوا عبادك ما لبى ملب، وأحرما
فلو سئلت عنه معد بأسرها وقحطان، أو باقي بقية جرهما
لقالوا: هو الموفي بخفرة جاره وذمته يوماً إذا ما تذمما
فما تطلع الشمش المنيرة فوقهم على مثله منهم أعز، وأكرما
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر عن الأسارى:
"لو كان المطعم بن عدي حياً، ثم كلمني في هؤلاء النتنى، لتركتهم له"