البحث
كان النبيﷺ يحسن إلي النساء ويكرمهن ، خاصة من كان لها فضل أو إحسان سابق
كمرضعته ثوبية التي كانت مولاة لأبي لهب بن عبد المطلب ، ارتضع منها ﷺ قبل حليمة السعدية ، فهي أول مرضعة للنبي ﷺ ، أرضعته بلبن ابن لها يقال له : مسروح ، وأرضعت قبله حمزة عمه ، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد (1).
قال ابن سعد : كانت ثويبة مرضعة رسول الله ﷺ يصلها وهو بمكة ، وكانت خديجة تكرمها وهي على ملك أبي لهب ، وسألته أن يبيعها لها ، فامتنع .
فلما هاجر رسول الله ﷺ أعتقها أبو لهب ، وكان رسول الله ﷺ يبعث إليها بصلة وبكسوة (2).
قال بن حجر : " اختلف في إسلامها … والذى في السيرأن النبي ﷺ كان يكرمها ، وكانت تدخل عليه بعدما تزوج خديجة ، وكان يرسل إليها الصلة من المدينة ، إلى أن كان بعد فتح خيبر ماتت ، ومات ابنها مسروح " (3).
وكذلك ام أيمن : حاضنة النبي ﷺ ، واسمها بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان ، وكانت لأم رسول الله ﷺ (4).
عن أنس بن مالك رضى الله عنه
أن الرجل كان يجعل للنبي ﷺ النخلات من أرضة حتى فتحت عليه قريظة والنضير ، فجعل بعد ذلك يرد عليه ما كان أعطاه . قال أنس : وإن أهلى أمرونى أن آتي النبي ﷺ ، فأسألة ما كان أهله أعطوه ، أو بعضه . وكان نبي الله ﷺ : " يا أم أيمن ، اتركيه ولك كذا وكذا " . وتقول : كلا والذى لا إله إلا هو . فجعل يقول : كذا حتى أعطاها عشرة أمثاله ، أو قريباً من عشرة أمثاله (5).
قال النووي : " قوله في قصة أم أيمن : " إنها أمتنعت من رد تلك المنائح حتى عوضها عشرة أمثاله" إنما فعلت هذا لأنها ظنت أنها كانت هبة مؤبدة وتمايكا ً لأصل الرقبة .
وأراد النبي ﷺ استطابة قلبها في استراداد ذلك ، فما زال يزيدها في العوض حتى رضيت ، وكل هذا تبرع منه ﷺ وإكرام لها؛ لما لها من حق الحضانة والتربية " (6).
وقال النووي أيضاً : " قال العلماء : لما قدم المهاجرون آثرهم الأنصار بمنائح من أشجارهم ، فمنهم من قبلها منيحة محضة ، ومنهم من قبلها بشرط أن يعمل في الشجر والأرض وله نصف الثمار ، ولم تطب نفسه أن يقبلها منيحة محضة ، هذا لشرف نفوسهم وكراهتههم أن يكونوا كلا ، وكان هذا مساقاة ، وفي معنى المساقاة .
فلما فتحت عليهم خيبر استغنى المهاجرون بأنصبائهم فيها عن تلك المنائح ، فردوها إلى الأنصار " (7).
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال :
قال أبو بكر رضى الله عنه بعد وفاة رسول الله ﷺ لعمر : انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله ﷺ يزورها . فلما انتهينا إليها بكت . قفالا لها : ما يبكيك ؟ ما عند الله خير لرسوله ﷺ . فقالت : ماأبكى أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خيرلرسوله ﷺ ، ولكن أبكى أن الوحى قد انقطع من السماء . فهيجتهما على البكاء ، فجعلا يبكيان معها (8).
من فوائد الحديث :
فيه : زيارة الصالحين وفضلها .
فيه : زيارة الصالح لمن هو دونه .
وفيه : زيارة الإنسان لمن كان صديقة يزوره ، ولأهل ود صديقه .
وفيه : زيارة جماعة من الرجال للمرأة الصالحة ، وسماع كلامها .
وفيه : استحاب العالم والكبير صاحباً له فى الزيارة ، والعيادة ، ونحوهما .
وفيه : البكاء حزناً على فراق الصالحين والأصحاب ، وإن كانوا قد انتقلوا إلى أفضل مما كانوا عليه .(9)
المراجع
- أسد الغابة [٨/١ ] .
- الإصابة في تمييز الصحابة [ ٥٤٨/٧ ] .
- فتح البارى [١٤٥/٩ ] .
- ينظر : الإصابة [ ٢٩١/١٤ ] ، تاريخ دمشق [ ٣٠٢/٤ ] .
- رواه البخارى [ ٤١٢٠ ] ، ومسلم [ ١٧٧١ ] .
- شرح النووي علي صحيح مسلم [ ١٠١/١٢ ] .
- شرح النووي علي صحيح مسلم [ ٩٩/١٢ ] .
- رواه مسلم [٢٤٥٤ ] .
- ينظر : شرح النووى علي صحيح مسلم [ ١٠/١٦ ].