البحث
الأساس الأول – القدوة الحسنة
للقدوة الحسنة أثر كبيرفي نفس الطفل، إذ كثيراً ما يقلد الطفل والديه، حتى إنهما يطبعان فيه أقوى الآثار " فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ". ويحث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوالدين أن يكونا قدوة حسنة في خلق الصدق أثناء تعاملهم مع الأطفال:
أخرج أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ لِصَبِيٍّ تَعَالَ هَاكَ ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِ فَهِيَ كَذْبَةٌ".
وأخرج أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا فَقَالَتْ: تَعَالَ أُعْطِيكَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "َمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟ قَالَتْ أردت أن أُعْطِيهِ تَمْرًا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ".
والأطفال بمراقبتهم لسلوك الكبار، فإنهم يقتدون بهم، فأن وجدوا أبويهما صادقين سينشؤون على الصدق، وهكذا في باقي الأمور.
وهذا الطفل ابن عباس رضي الله عنهما عندما شاهد أمامه من يقوم الليل فإنه يسارع لذلك، ويلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرج البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عند خَالَتِي مَيْمُونَةَ لَيلة، فَقَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فََلَمَّا كَانَ فِي بَعض الليل، قَامَ رسول الله فَتَوَضأ مِن شن مُعلق وضوءاً خفيفاً، ثُمَّ قَامَ يُصلي، فَقُمت فَتَوضأت نحواً مِمَّا توضأ, ثُمَّ جئتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَحَوَّلني فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثم صَلَّى ما شاء الله... الحديث.
فقد توضأ الطفل على نحو ما رآه، ثم وقف يصلي... وهكذا تكون القدوة الحسنة المؤثرة في الطفل.
وفي مطالبة الوالدين بالقدوة الحسنة، فإن الطفل الناشئ يراقب سلوكهما، وكلامهما، ويتساءل عن سبب ذلك، فإن كان خيراً فخيراً، فهذا الطفل عبدالله بن أبي بكرة يراقب أدعية والده، ويسأله عن ذلك، ويجيبه والده دليل فعله هذا:
أخرج أبو داود عن عبد الله بن أبي بكرة رحمه الله قال: قلت لأبي: يَا أَبَتِ إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ تُعِيدُهَا ثَلَاثًا حِينَ تُصْبِحُ وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِنَّ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ
فالوالدان مطالبان بتطبيق أوامر الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوكاً وعملاً والاستزادة من ذلك ما وسعهم ذلك؛ لأن أطفالهم في مراقبة مستمرة لهم صباح مساء، وفي كل آن، "فقدرة الطفل على الالتقاط الواعي، وغير الواعي كبيرة جداً، أكبر مما نظن عادة، ونحن ننظر إليه على أنه كائن صغير ولا يدرك، ولا يعي".