البحث
الحق الرابع: أن لا يُعبد الله تعالى إلا بما شرع ، وليس بالأهواء والبدع الجزء الرابع
ملحق - نبذة يسيرة عن منهج أشهر الطوائف المنحرفة عن منهج أهل السنة والجماعة
مقدمة
تقدمت الإشارة في الفصل السابق إلى أن الطوائف المنحرفة عن جادة النبي وصحابته كثيرة ، وأنهم اثنتين وسبعين بنص حديث النبي ﷺ ، غير أن رؤوس أهل البدع أربعة ؛ الشيعة [1]والخوارج والجهمية والمرجئة.
فصل في بدع الشِّـــيعة
في باب توقير الصحابة ؛ تفرَّد الشيعة ببدعة كبرى ، ومحدثة في الدين عظمى ، ألا وهي الطعن في صحابة رسول الله ﷺ ، وكان الذي بذر أول بذور هذه البدعة رجل يهودي من أهل اليمن اسمه عبد الله بن سبأ ، وكان هدفه إفساد دين المسلمين ، مقتفيا في هذا أثر «بولس» الذي أفسد دين النصارى ، فلكل قوم وارث ، فزعم ابن سبأ أولا محبة آل البيت ، ليدخل في قلوب الناس ، ثم غلا في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وادَّعى له «الوصية» ، ومفادها أن النبي ﷺ وصى له بالخلافة بعد وفاته ، ثم ادعى له الألوهية ، وأنه هو الله ، وأنه مستحق لأن يعبد ، كما أظهر الطعن لأبي بكر وعمر وعثمان ، فلما علم به علي بن أبي طالب نفاه إلى المدائن ليسلم الناس من شره ، ولكن مقالة ابن سبأ تلقفها من تلقفها من العامة والدهماء ، فعلم بهم علي ، فخدَّ لهم عليٌّ أخدودا وأضرمهم بالنار ثم قذفهم فيه ، وسُـمُّوا بالسَّبئية بعد ذلك.
ثم لما حصل الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ؛ كان لكل منهما أتباع ، فاستغل بعض المدسـوسين الحرب السـياسية القـائمة لتصعيد الأمر لشـق عـصا المسـلمين ، وإدخـال عـقائد فاسـدة ، فأحيا بعضهم مقالة ابن سبأ المتقدمة ، فبعثوا الغلو في علي مرة أخرى ، ثم مضى الزمان فغلو في ذريته من فاطـمة بنت النبي ﷺ ، فادعوا أن من ذريته أحد عشر إماما معصوما ، لا تصح ولاية المسلمين إلا لأحد منهم ، ثم أخذ دين الشيعة في التطور ، فلما لم يجدوا في كتاب الله ما يسند عقيدتهم ؛ أولوا القرآن تأويلا تعسفيا لا تطيقه اللغة العربية ، فصار دينا مستقلا جديدا ، مخالفا
تماما للدين الإسلامي الذي جاء به محمد ﷺ ، فصار علي رضي الله عنه هو معبود الشيعة إذا أصابهم الضـر كما سيأتي بيانه ، عياذا بالله من دين الجاهلية ، ومن ذهب إلى قبره بالكوفة رأى من تقرب الشيعة له بأنواع العبادات العجب العجاب ، من الدعاء والذبح وغيره ، ونسبوا إلى الأئمة صفة علم ما يعلمه الله ، تعالى الله عن ذلك.
موقف الشيعة من كتاب الله العزيز ، القرآن
والشيعة يقولون إن القرآن الذي بأيدي المسلمين ليس الذي أنزل على محمد ﷺ ، بل قد زيد فيه ونُقص منه وحُرف فيه ، ذكر ذلك النوري الطبرسي في كتابه «فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب» ، ويزعمون أن القرآن الصحيح الكامل هو الذي جمعه علي ، ثم تناقله الأئمة من علي إلى الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري ، الذي يزعمون أنه هو المهدي المنتظر ، وأنه في سرداب سامراء ، وأنه سيخرج في آخر الزمان.
ولا شك أن عليا لم يجمع قرآنا قط ، بل الذي جمعه عثمان ، وقولهم هذا طعن صريح في القرآن الكريم الذي تعهد الله بحفظه
في قوله
[ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون] ،
وقوله تعالى
[اليوم أكملت لكم دينكم].
ومن عجائب مقالاتهم أنهم يقولون إن القرآن المزعوم يعادل ثلاثة أضعاف القرآن الذي بأيدي المسلمين الآن ، وأنه ليس فيه من هذا القرآن الذي بأيدي المسلمين حرف واحد!
وعلى هذا فالشيعة يعتبرون أن القرآن الذي بأيدي الناس ليس على تمامه ، وهذا يستلزم تضليل الناس على مدى أربعة عشر قرنا ، ولا شك أن هذا من سوء الظن بالله العظيم ، فكيف يليق بالله أن يترك الناس في ضلال وعمى طيلة هذه القرون المتطاولة ، وكيف تقوم الحجة على الناس إذن والقرآن في جوف الأرض مع الإمام الثاني عشر ، وهل هذا إلا من مناقضة الشيعة للركن الثالث من أركان الإيمان ، وهو الإيمان بالكتب.
ومِن مقالاتهم حصْر علم القرآن ومعرفة تفسيره بالأئمة المزعومين ، وأنه مخزون عندهم ، وبه يعلمون كل شيء ، واعتمدوا في ذلك على جملة كثيرة من الأخبار المفتراة ، ولا شك أن هذا من الكذب
الفاحش ، فإن النبي ﷺ بين للناس معاني القرآن ،
قال الله تعالى
[وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم]
، ثم تناقل تفسيره الصحابة والتابعون ، وجمعت أقوالهم في التفسير في دواوين التفسير والحديث ، ولا تجد كتابا في الحديث إلا وفيه قسم في التفسير ، كما أن هناك عدة كتب في التفسير جمعت أقوال الصحابة والتابعين في التفسير ، وعلى رأسها تفسير ابن جرير الطبري ، ثم تفسير ابن أبي حاتم وابن المنذر وغيرهما.
كذلك ؛ فقد خاطب النبي ﷺ الصحابة ، ورغبهم في تبليغ الحق للناس ، ولم يخص أحدا منهم بذلك ، فقال كما في حديث زيد بن ثابت: نضر الله وجه امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره ، فإنه رب حامل فقه ليس بقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه[2].
بل قد نفى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه هذه المقالة نفيا قاطعا ، أي مقالة اختصاصه بعلم خاص في القرآن ، فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة [3]؛ ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يُعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة.
فقال أبو جُحيفة: وما في الصحيفة؟
قال: العَقل وفكاك الأسير وأن لا يُقتل مسلم بكافر[4].
فتبين بهذه الكلمات من علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن مقالة اختصاصه بعلم سري للقرآن مقالة منكرة ، وليست إلا دعوة صريحة للصد عن تدبر القرآن وفهم معانيه ، الذي هو صد عن دين الله وشريعته في الحقيقة.
ثم تطور الأمر بعد هذا ، فلما لم تلق المقالة المتقدمة قبولا عند بعض الشيعة ؛ لجئوا إلى مقالة أخرى أشنـع من الأولى ، وهي قولهم إن القرآن له معنى ظاهر ومعنى باطن يخالف الظاهر تماما ، وأن المعنى الظاهر هو ما يتبادر إلى ذهن القارئ ، وأن المعنى الباطن قد اختص بعلمه الأئمة ، وأن ما حرم الله في القرآن هو الظاهر وباطنه أئمة الجور ، وهم الخلفاء الثلاثة ومن لم يؤمن بأحد من الأئمة الاثني
عشر ، وأن ما أحل الله في القرآن هو الظاهر ، وباطنه أئمة الحق [5]، وهم الأئمة الاثني عشر ، وهكذا تعسفوا وتجرؤوا على كتاب الله ليطوعوه بما يوافق مذهبهم ، حيث أن القوم قد ضاقت صدورهم لما لم يكن هناك ذكر لأئمتهم المزعومين في القرآن ، فأتوا بهذه المقالة ، ونسبوها إلى بعض أئمتهم ليقنعوا أتباعهم المقلِّدين ، وهي أصل من أصول اعتقاد الشيعة ، مذكورة في مقدمات تفاسيرهم ، كتفسير القمي وتفسير العياشي وتفسير الصافي ، وفي الأخير قوله: (إن للقرآن ظهرا وبطنا ، وببطنه بطن إلى سبعة أبطن)[6] ، ثم زاد مشايخ الشيعة في الكذب والجرأة على كتاب الله ، فقالوا إن لكل سبعون بطنا ، قاله أبو الحسن الشريف في كتابه «مرآة الأنوار» ، ص 3 .
وليمسك القارئ الكريم بأعصابه ويحمد الله على نعمة العقل وهو يقرأ هذه المقالة المذكورة في كتاب «مرآة الأنوار» ص 3 ، التي تقول إن كل آيات الفضل والإنعام والمدح والإكرام نزلت في السادة الأطهار (أي آل البيت) وفي أولياءهم ، وأن جل فقرات التوبيخ والتشنيع والتهديد بل جملتها نزلت في مخالفيهم وأعدائهم ، أي الصحابة وأتباعهم.
ولو تأملنا تلك البطون المزعومة لوجدنا أنها تهدف إلى أمـرين لا ثالث لهما البتة: إثبات إمامة الاثني عشر ، والطعن في مخالفيهم.
ليس هذا فحسب ؛ بل يزعمون أن القرآن ظاهره تقرير التوحيد والنبوة والرسالة ، بينما باطنه تقرير الإمامة (أي إمامة الاثني عشر) والولاية (أي ولاية النبي ﷺ والأئمة الاثني عشر).
وهذا الكلام ظاهر البطلان ، فلماذا لم يقرر الله إمامة الاثني عشر وولاية علي بوضوح ، ولماذا لا يخاطب الله الناس بوضوح؟!
إنه من المعلوم أن الكلام الباطني تتعارض فيه التأويلات ، لأن التأويل لا ضابط له ، ويمكن تنزيله على وجوه شتى ، بخلاف الكلام الواضح المباشر ؛ فإن اللغة العربية هي الضابط له ، ولو كان كما يزعمون لما عُدَّ القرآن فصيحا ، ولما عُد مبينا ، لأن الفصيح المبين هو الذي يُفصح عما فيه ، بينما الذي يضمر سبعين بطنا فأنَّى له الفصاحة[7].
وإنك لو أتيت بقواميس اللغة العربية كلها لوجدت أن تفسير القرآن في وادٍ وتفسير الشيعة في وادٍ آخر ، وهذه أمثلة على تفسيرهم لبعض الآيات:
أوَّل الشيعـة توحيد العبادة الذي هو أهم المهمات بالولاية لعلي والبراءة ممن هم ضده ، فقالوا إن الله ما بعث نبيا قط إلا بولايتنا والبراءة من عدونا ، وذلك تأويل قوله تعالى – كما يزعمون -
[ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت]
، ويروُون في هذا خبرا عن أبي جعفر[8].
وقالت الشيعة إن عمدة بعثة الرسل لأجل الولاية[9].
وكتب الشيعة تؤول الإلـٰه بالإمام ،
فقوله تعالى
[لا تتخذوا إلـٰهين اثنين]
؛ يؤولونه بلا تتخذوا إمامين اثنين إنما هو إمام واحد.
والشيعة فسروا الرب بعلي بن أبي طالب في
قوله تعالى
[وكان الكافر على ربه ظهيرا]
، ففسروا الكافر بعمر ، والرب بعلي.
وفسروا أسماء الله الحسنى بالأئمة[10].
وهذا التأويل الفاسد للرب ولله وللإلـٰه وللأسماء الحسنى والصفات العلى هي من آثار دعوة عبد الله بن سبأ وأتباعه الذين قالوا أن عليا هو الله ، تعالى الله عما يصفون.
والشيعة فسروا القرآن بعلي ،
فقالوا في تفسير قوله تعالى
[ذلك الكتاب لا ريب فيه]
: الكتاب: علي ولا شك فيه[11].
ثم قفز الغلو بالأئمة إلى مراحل متقدمة جدا ، فوصفوهم ببعض أوصاف الرب جل جلاله ، تعالى وتقدس عن مشابهة المخلوقين ، فعقد المجلسي في كتابه باب بعنوان: (باب أنهم جنب الله وروحه
ويد الله) ، وأمثال ذلك ، وذكر فيهم ست وثلاثين رواية مكذوبة على الأئمة[12].
بل جعلهم المجلسي هم القبلة والكعبة ، وعقد لهذا بابا بعنوان: (باب أنهم رضي الله عنهم حزب الله وبقيته وكعبته وقبلته) ، وجاء في هذا بسبع روايات[13].
ويؤولون المساجد بالأئمة كما في قوله )وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد([14].
وقال صاحب كتاب «اللوامع القرآنية في أسماء علي وآل بيته القرآنية» ، هاشم البحراني ، إن اسم علي ورد في القرآن 1154 مرة ، محطما بذلك كل مقاييس اللغة العربية ، ومتجاوزا أصول العقل والمنطق ، ومن ذلك تفسيره لكلمة «الإمام» الواردة في قوله تعالى )وكل شيء أحصيناه في إمام مبين( بأنه علي![15]
وقال صاحب «بحار الأنوار» أنهم – أي الأئمة الاثني عشرية – هم الصلاة والزكاة والحج والصيام وسائر الطاعات ، وأن أعداؤهم – وهم أهل السنة الذين لا يعتقدون إمامتهم [16]- هم الفواحش والمعاصي[17].
وتارة يؤول الملائكة بهم ، وتارة بالكتب السماوية ، والأنوار الإلـٰهية ، بل فسر الجمادات بهم ، فقال إنهم الماء المعين المذكور في آخر سورة تبارك ، والبئر المعطلة والقصر المشيد المذكوران في سورة الحج ،
لأنهما معطلان عن الحكم ، وأما الفواكه والسحاب والمطر والظل المذكورة في القرآن فأولها بعلم الأئمة وبركتهم ومنافعهم ، وأورد في هذا إحدى وعشرين رواية[18].
وتارة أول البحر واللؤلؤ والمرجان بأنهم الأئمة ، وذكر في هذا سبع روايات[19].
وتارة قالوا بأن البحرين الواردة في
قوله
[مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان]
هما علي وفاطمة ، وأن اللؤلؤ والمرجان هما الحسن والحسين[20].
وتارة أولوا النحل بهم ، وذكر سبع روايات[21].
والشيعة أوَّلوا البعوضة الوارد ذكرها في سورة البقرة بعلي رضي الله عنه[22].
بل لفظ الذباب الوارد في سورة الحج أوَّلوه بعلي[23].
فما السر في إطلاق علماء الشيعة لأسماء أحط الحشرات على علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟! الله أعلم.
وتارة أول المجلسي الشهـور والأيام بالأئمة ، أي
قوله
[إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا]
أي إماما ، وذكر أربعة روايات[24].
وقبور الأئمة فلها من تأويلاتهم نصيب ، فهم يؤولون البقعة المباركة الواردة في قوله تعالى في قصة موسى
[فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة]
بأنها كربلاء ، وهذا كذب مكشوف ، لأن البقعة المباركة في طور سيناء بصحراء مصر ، بدليل الآية التي قبلها
[آنس من جانب الطور نارا]
[25].
وكربلاء معظمة عند الشيعة ، لأن فيها قبر الحسين بن علي رضي الله عنه.
قال د. ناصر بن عبد الله القفاري حفظه الله: ولعل هذه الروايات هي السبب في شيوع عبادة الأئمة وأضرحتهم ، وعمارة المشاهد وتعطيل المساجد ، لأن المشاهد هي المساجد عندهم ، والإمام هو كعبة الله وقبلته ، ولهذا صنفوا كتبا وسموها «مناسك الـمشاهد» أو «مناسك الزيارات» ، أو «المزار» ، واعتنوا ببيان فضائلها وآدابها ، وأخذت هذه المسائل في كتبهم قسما كبيرا[26].
والشيعة ، بكل تعسف وتحكم في النصوص ، يخصون أنفسهم بالرحمة ، ففي كتاب «أصول الكافي»[27] أن الشيعة هي الشيء الوارد في
قوله تعالى
[ورحمتي وسعت كل شيء].
وهذه النقولات المشار إليها قليل من كثير ، وغيض من فيض ، وقد جاء أكثرها في أكبر موسوعة حديثية عند الشيعة وهو كتاب «بحار الأنوار» ، والذي يصفه علماء الشيعة بأنه لم يُصنف مثله ، وأن مؤلفه هو شيخ الإسلام والمسلمين ، وملاذ المحدثين ، ومعاذ المجتهدين ، إلى غير الألقاب المخلوعة عليه!
وأحوال اليوم الآخر يفسرونها في الغالب بالرجعة ، أي رجعة الأئمة[28].
وربما فسروها بولاية علي ، فانظر إلى التناقض ، ويروُون في هذا خبرا عنه في تفسير
قوله تعالى
[بل كذبوا بالساعة]،
يعني كذبوا بولاية علي[29].
ومن تناقُض الشيعة أيضا تفسير الحياة الدنيا بالرجعة [30]، وربما بولاية أبي بكر وعمر[31].
فانظر إلى الشيء واحد كم هو مختلف عندهم ،
وصدق الله ،
[إنكم لفي قول مختلف * يؤفك عنه من أفك * قتل الخراصون].
وبعبارة مختصرة ؛ فإن الدين كله عند الشيعة هو ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ويروُون في هذا خبرا عن جعفر الصادق في تفسير قوله تعالى )إن الله اصطفى لكم الدين( ؛ قال: ولاية علي.
)فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون( ؛ أي مسلمون لولاية علي.
وهنا يقال للشيعة: إذا كان الأمر كذلك ؛ فلماذا لم يسمى دين الإسلام بدين الولاية وانتهى الأمر؟!
انظر إلى الكفر والزندقة والإلحاد في آيات الله ، كيف حصروا الدين كله في بيعة رجل ، وجعلوا الشرك والطاغوت والأصنام ونحوها هو عدم اعتقاد ولاية الاثني عشر ، ومبايعة الخلفاء الثلاثة ومن تبعهم من خلفاء المسلمين.
فالإسلام عند الشيعة ليس هو عبادة الله وحده ونبذ عبادة من سواه ، واتباع النبي ﷺ واقتفاء أثره في العقيدة والشريعة والسلوك ، كلا ، بل الدين عند الشيعة هو اعتقاد أن محمدا وصى عليا بالخلافة ، وأنه – أي علي - أوصى بالخلافة لمن بعده ، وهم الحسن والحسين وباقي الأئمة الإحدى عشر المزعومين ، فمن اعتقد هذا فقد سلك سبيل الحق ، بحسب زعمهم ، ومن خالف هذا كفر ، وصار من أعداء الله!
أقول: ولا شك أن هذه مصادمة صريحة لكتاب الله ،
فقد قال تعالى
[فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى]
، والشيعة لا يؤمنون بهذا ، بل التمسك بالعروة الوثقى عندهم هو العمل بما تقدم ، وهو الإيمان بوصية محمد لعلي بالخلافة ، والإيمان بما يتبع ذلك من خرافات وخزعبلات وتحريفات لكتاب الأرض والسماوات!
ومن طوام دين الشيعة أن مصطلح الشرك والردة والكفر والضلال ليست على ظاهرها عند الشيعة ، وأنه - أي الشرك - عبادة ما سوى الله ، والردة الرجوع عن دين الإسلام ، والضلال هو الزيغ عن الصراط المستقيم الذي بينه النبي ﷺ وسار عليه ، بل هذه المصطلحات عند الشيعة تعني أمورا
متعلقة بولاية علي فحسب ، فالشرك عند الشيعة يعني أن تشرك في إمامة علي غيره من الناس ، جاء هذا في تفسير القمي (2/251) وتفسير الصافي (4/328).
وقال صاحب «مرآة الأنوار»: إن الأخبار متضافرة في تأويل الشرك بالله والشرك بعبادته بالشرك في الولاية والإمامة.
فعلى هذا ، فالشيعة يعتقدون أن من اعتقد ولاية أبي بكر أو عمر أو عثمان أو غيرهم ممن انعقدت لهم البيعة من ذلك الحين إلى هذا الحين فإنه مشرك!
وكذلك مصطلح الكفر ؛ هو عند الشيعة عدم اعتقاد ولاية علي بعد رسول الله ﷺ مباشرة ، ويرون أن اعتقاد البيعة لغيره من الخلفاء الثلاثة من الازدياد في الكفر.
هذا ما قالوه في تفسير قوله تعالى )إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا(.
أما مصطلح الردة فيعني عند الشيعة الردة عن بيعة علي رضي الله عنه ، قرروا ذلك في «أصول الكافي».
وأما مصطلح الضلال فهو عدم معرفة الإمام ، هكذا قرروا في تفسير
قوله تعالى
[غير المغضوب عليهم * ولا الضالين].
إن تفسير الشيعة للشرك والردة والكفر والضلال بترك بيعــــــة الأئمة فيه تـهوين من قدر الشرك الحقيقي ، الذي هو عبادة غير الله ، بل إلغاء تام لمفهومه ، وهذا هو الواقع في دين الشيعة ، ولهذا فالشيعة لا يرون بأسا من عبادة أئمتهم ، وخلع أوصاف الرب عز وجل عليهم كما تقدم.
ومن تأويلات الشيعة لآيات القرآن تأويل الشيطان الوارد في
قوله تعالى في سورة الحشر
[كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر]
، أولوا الشيطان بعمر بن الخطاب ، رضي الله عنه.
وهذا التأويل نسبوه إلى أبي جعفر الباقر ، ونقلوه في كتب التفسير عندهم ، كتفسير العياشي والصافي وغيرهما.
وهذا هو دين الشيعة ، سب وشتم ، ثم نسبة ذلك كله إلى القرآن ، ليضفوا عليها الشرعية الدينية ، وما هو إلا شذوذ عقلي وافتراء وإلحاد في آيات الله ، والإلحاد في اللغة هو الميل ، وقد توعد الله من ألحد في آياته
بقوله في سورة الصافات
[إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير].
المراجع
- الشيعة طوائف كثيرة ، وأغلبهم الاثني عشرية ، ويُسمون أيضا بالإمامية ، نسبة إلى الأئمة الاثني عشر الذين يعظمونهم كما سيأتي.
- رواه أحمد (5/183) وأبو داود (3660) والترمذي (2656) وغيرهم ، وصححه الألباني.
- برأَ أي خلق ، والنسمة هي الروح.
- رواه البخاري (6903).
- انظر «أصول الكافي» (1/374) و «تفسير العياشي» (2/16) ، و «البحار» (92/78 – 106).
- انظر تفسير الصافي (1/31).
- وانظر ما قاله ابن تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (13/236 – 237) و (3/29) ، و «منهاج الاعتدال» (4/66).
- انظر «تفسير العياشي» (2/261) ، و «تفسير الصافي» (3/134).
- انظر «مرآة الأنوار» ، ص 163 .
- انظر «تفسير العياشي» (2/42) ، و «تفسير الصافي» (3/254 – 255).
- انظر «تفسير العياشي» (1/26) ، و «تفسير القمي» (1/30).
- انظر «بحار الأنوار» (24/191-203) ، وانظر «مرآة الأنوار» ، ص 324 .
- انظر «بحار الأنوار» (24/211-213).
- انظر «تفسير العياشي» (2/12) ، و «تفسير الصافي» (2/188).
- انظر ص 321 – 323 .
- إلا علي بن أبي طالب ، فإن أهل السنة يعتقدون أنه خليفة راشد مبايع ، وأنه رابع الخلفاء الراشدين ، وله فضائل ومناقب كثيرة ، رضي الله عنه.
- انظر (24/187 – 191).
- انظر «بحار الأنوار» (24/100-110).
- انظر «بحار الأنوار» (24/97-99).
- انظر «تفسير القمي» (2/344) و «تفسير الصافي» (5/109).
- انظر «بحار الأنوار» (24/110-113).
- انظر «تفسير القمي» (1/35).
- انظر «مرآة الأنوار» ، ص 150 .
- انظر «بحار الأنوار» (24/238-243).
- انظر هذا الهراء في «كامل الزيارات» ، ص 48 – 49 ، لابن قولويه.
- «أصول مذهب الشيعة الاثني عشرية» ، ص 215 ، الناشر: مدار الوطن – الرياض.
- (1/429).
- انظر «مرآة الأنوار» ، ص 303 .
- انظر «مرآة الأنوار» ، ص 182 ، والغيبة للنعمان ، ص 54 ، والبرهان (3/157).
- انظر «تفسير القمي» (2/258 – 259) و «تفسير الصافي» (4/345).
- انظر «أصول الكافي» (1/418) ، و «البرهان» (4/451).