1. المقالات
  2. النصر المؤزر للنبى الموقر
  3. الحق السابع عشر: توقير آل بيته ﷺ

الحق السابع عشر: توقير آل بيته ﷺ

الكاتب : ماجد بن سليمان الرسى
1056 2020/07/29 2024/04/20

من أصول أهل السنة والجماعة أنهم يحبون أهل بيت رسول الله  ﷺ   ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله  ﷺ   .
والأدلة على هذا الأصل كثيرة ،

فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:

قام رسول الله  ﷺ   يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّـاً ، بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال: أما بعد أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثَـقَلين: أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال: وأهل بيتي ، وأذكرِّكم الله في أهل بيتي ، أُذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي.  فقيل لزيد: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟  قال: نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حُـرِم الصدقة بعده

[1].

وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:

(أرقبوا محمداً  ﷺ   في أهل بيته)

[2].


قال ابن حجر رحمه الله: المراقبة للشيء المحافظة عليه ، يقول: احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيؤوا إليهم[3].
والأحاديث في فصائل آل بيت النبي  ﷺ   ومناقبهم كثيرة جداً ، وهي مبسوطة في الصحيحين والسنن 
والمسند وغيرها من كتب الحديث[4].

وآل بيت النبي  ﷺ   هم الذين تحرم عليهم الصدقة كما تقدم ، وقد حرم الله الصدقة على آل محمد تعظيما لقدْرهم ، لأن الصـدقة أوساخ الناس ،

قال  ﷺ   :

إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس

[5].


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وآل محمد  ﷺ   هم الذين حرُمت عليهم الصدقة ، هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما من العلماء[6].
وعلى هذا فآل بيت النبي  ﷺ   هم بنو هاشم بن عبد مناف ، وبنو الـمطلب بن عبد مناف ، وبنو هاشم أربعة ، هم أبو طالب وعبد المطلب وعبد الله وأبو لهب ، وأبناء أبو طالب هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر ، وأبناء عبد الـمطلب هم آل العباس وآل الحارث ، وعبد الله لم يترك إلا محمدا  ﷺ   ، وأبو لهب لا كرامة له ، لأنه لم ينصر النبي  ﷺ   كغيره ، فلا تحرم الصدقة على أبناءه ، وقد تقدم أن مناط التحريم هو التكريم ، وأبو لهب لا كرامة له.
وبنو المطلب قد أشركهم النبي  ﷺ   مع بنو هاشم في سهم ذوي القربى ، ولا يكون إشراكُهم معهم إلا لأنهم ممن حُـرِم الصدقة ، والصدقة لا تحرم إلا على آل محمد  ﷺ   ، فيدخلون في وصفهم بآل محمد ، أو آل البيت.
قال في «سيرة النبي الـمختار»[7]: وأخذ أبو طالب يـحشد بطون بني عبد مناف وهم أربعة: بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وبنو عبد شمس ، وبنو نوفل ، فأجابه بنو هاشم وبنو المطلب ، وخذله بنو عبد شمس وبنو نوفل ، وانسلخ أيضا من بني هاشم أبو لهب.
ثم قال:

قال العلماء: ولأجل نصرة بني المطلب لبني هاشم وموالاتهم لهم شاركوهم في التشريف بتسميتهم أهل البيت ، وفضل الكفاءة على سائر قريش ، واستحقاق سهم ذوي القربى ، وتحريم الزكاة ، دون البطنين الآخرين ، إذ لم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام.

وروى البخاري في صحيحه عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم بن عدي بن الحارث بن نوفل بن عبد مناف قال:

مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله  ﷺ   فقلنا: يا رسول الله ، أعطيت بني المطلب وتركتنا ، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة! فقال: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد. انتهى مختصرا.

[8]


وزوجات النبي  ﷺ   داخلات في آل البيت بنص القرآن ،

قال تعالى

[إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا]

[9]

، قال ابن كثير رحمه الله: وهذا نص في دخول أزواج النبي  ﷺ   في أهل البيت هـٰهنا ، لأنهن سبب نزول هذه الآية.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: ولا نُـنكر الوصاة بأهل البيت ، والأمر بالإحسان إليهم ، واحترامهم وإكرامهم ، فإنهم من ذرية طاهرة ، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً ، ولاسيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية ، كما كان عليه سلفهم ، كالعباس وبنيه ، وعلي وأهل بيته وذريته ، رضي الله عنهم أجمعين[10].
وقال ابن تيمية رحمه الله: ولا ريب أن لآل محمد  ﷺ   حقاً على الأمة لا يشرَكُهم فيه غيرهم ، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش ، كما أن قريشاً يستحقون من المحبة والموالاة ما لا يستحقه غير قريش من القبائل ، كما أن جنس العرب يستحق من المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر أجناس بني آدم ، وهذا على مذهب الجمهور الذين يرون فضل العرب على 

غيرهم ، وفضل قريش على سائر العرب َوفضل بني هاشم على سائر قريش ، وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد وغيره[11].
ثم ذكر حديث واثلة بن الأسقع الذي دل على التفضيل المذكور[12].
وقد جعل الله لآل البيت حقاً في الخُـمُسِ[13] والفيء[14] ، عِوضا عما حُرِموا من الصدقة ،

فقد روى البخاري عن جبير بن مطعم قال:

مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي  ﷺ   ، فقلنا: يا رسول الله ، أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ، ونحن وهم بمنزلة واحدة[15]. فقال رسول الله  ﷺ   : إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد.


ومن دلائل توقير آل البيت ؛ أن النبي  ﷺ   علَّم أمته أن يقولوا في التشهد: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
فهل بعد الدعاء لهم في الصلوات الخمس توقير أفضل من هذا التوقير؟!

ولما سأل الصحابة النبي  ﷺ   كيف يصلون عليه قال: قولوا:

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد

[16].

فالصلاة على النبي  ﷺ   حق ولآله دون سائر الأمة.
وقد ضرب السلف المثل الأعلى في توقير آل بيت النبي  ﷺ   ،

فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

والذي نفسي بيده ؛ لقرابة رسول الله  ﷺ   أحب إلي أن أصل من قرابتي

[17].


والمؤمنون يتولون أهل البيت ويحبونهم ، لا كما يزعم الروافض أنهم المخصوصون بحب أهل البيت وحدهم ، وأن غيرهم ظلموهم ، فالـحقيقة أن الروافض هم الذين ظلموا أهل البيت ظلماً لا نظير له ، فهم الذين خـذلوهم وغرُّوهم ، وتسببوا في رد ِّكثير من روايات أهل البيت ، بسبب ما اشتهر عن أولئك الروافض من الكذب على آل البيت.
ثم إن الروافض يحصرون محبتهم في نفر قليل من أهل البيت ، أما أهل السنة المستقيمين عليها يحبون أهل البيت كلهم ويتولونهم ، ثم إن الذين يبغضهم الروافض من أهل البيت أكثر بكثير ممن يحبونهم.

المراجع

  1. تقد تخريجه.
  2. رواه البخاري (3713) 
  3. «فتح الباري» ، شرح الحديث المتقدم.
  4. انظر «الصحيح المسند من فضائل آل بيت النبوة» لأم شعيب الوادعية ، الناشر: دار الآثار – صنعاء.
  5. رواه مسلم (1072) عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث.
  6. «مجموع الفتاوى» (3/407).
  7. (1/180 - 182) ، «حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار» ، تأليف محمد بن عمر بحرق الحضرمي الشافعي ، تحقيق محمد غسان نصوح عزقول ، 1998م ، الطبعة الأولى ، دار النشر: دار الحاوي – بيروت.
  8. رواه البخاري (3140).
  9. سورة الأحزاب: 34 .
  10. تفسير ]قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى[ ، سورة الشورى: 23 .
  11. «منهاج السنة النبوية» (4/599).
  12. ونصه: قال: سمعت رسول الله  ﷺ   يقول: إن الله عز وجل اصطفى كنانة من ولد إسماعيل عليه الصلاة والسلام ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم. رواه مسلم (2276) وغيره.
  13. أي خمس الغنائم.
  14. الفيء هو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد. انظر «النهاية».
  15. تقدم تخريجه.
  16. أخرجه البخاري (3370) ومسلم (406) عن كعب بن عجرة رضي الله عنه.
  17. رواه البخاري (3712) ، ومسلم (1759).


المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day