1. المقالات
  2. السِّيرَةُ النَّبويَّةُ (تَربِيةُ أمَّةٍ وَبنَاءُ دَوْلَةٍ)
  3. دار الأرقم

دار الأرقم

الكاتب : صَالح أحمد الشامي


دار الأرقم

اتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم (1) - أحد المسلمين الأوائل - مركزاً لدعوته. ولا نعلم متى ذلك، وكل ما بين أيدينا يدل أن اتخاذها كان بعد إسلام عدد لا بأس به.

ويغلب على الظن أن اتخاذ هذه الدار إنما كان بعد أن أظهرت قريش عداوتها وصبت غضبها على بعض من أسلم.

وقد استمرت هذه الدار في أداء دورها الفعال حتى إسلام عمر بن الخطاب فيها، في ذي الحجة سنة ست من المبعث (2). وكان ذلك آخر العهد بها، إذا لم نسمع بعد ذلك ذكراً لها في حوادث السيرة. "فقد عز أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنفسهم حين أسلم عمر بعد إسلام حمزة" كما قال ابن هشام (3).

وقد شهدت هذا الدار إسلام ما يقرب من أربعين صحابياً، منهم عمار وصهيب، فقد أخرج ابن سعد عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار قال: قال عمار بن ياسر رضي الله عنه (لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله فيها، فقلت له ما تريد؟ قال لي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت أن أدخل على محمد فأسمع كلامه، قال: وأنا أريد ذلك، فدخلنا عليه فعرض علينا الإسلام، ثم مكثنا يوماً على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا ونحن مستخفون. .) (1).

كما شهدت إسلام إياس وعامر ابني البكير وغيرهم. 

ولم تكن دار الأرقم وحدها هي مكان اللقاء، وإن كانت - فيما يبدو - مكان توزيع المهمات، وبيان ضم بعض الصحابة إلى بعض (2) وغير ذلك، وكان هناك أماكن أخرى.

ففي أول مقام خطب به أبو بكر، في بدء الدعوة، ضرب ضرباً شديداً. . ثم حمل إلى بيته، وهم لا يشكون في موته، فلما أفاق سأل أمه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: والله ما لي علم بصاحبك، فقال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب. . وجاءت أم جميل. . فسألها أبو بكر عن مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم. . فقالت: إنه في دار الأرقم (3).

وسؤال أبي بكر عن مكان وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الرجل الذي قلما يفارقه - يعني أن هناك أكثر من مركز يلتقي به المؤمنون سراً، ويكون تحديد اللقاء في أحدها آنياً، إلا فكيف تعرف أم جميل المكان ويجهله أبو بكر وهو لم يغب في هذه الحادثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يوماً واحداً.

إن هذا ليدلنا على تعدد أماكن اللقاء بالنبي الكريم، وإلا فدار واحدة مثل دار الأرقم ستكون مكشوفة لقريش لو كان تردد المسلمين إليها يومياً كما هو الواقع الذي كان، من اجتماع الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم.


المراجع

  1. كانت هذه الدار على الصفا، وقد أسلم فيها ما يقرب من أربعين صحابياً، وكان آخرهم عمر، وعلى هذا فقد كان إسلام عمر رضي الله عنه ما يزيد على ستين صحابياً. 
  2. كما ذكره ابن سعد عن ابن المسيب، وحكى ابن الجوزي الاتفاق عليه [شرح الزرقاني على المواهب 1/ 272]. 
  3. سيرة ابن هشام 1/ 346.
    1. طبقات ابن سعد 3/ 347
  1. كما حدث في ضم خباب بن الأرت إلى سعيد بن زيد.
  2. انظر في تفصيل هذه الحادثة كتاب (من معين السيرة) للمؤلف ص 62 - 64.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day