1. المقالات
  2. السِّيرَةُ النَّبويَّةُ (تَربِيةُ أمَّةٍ وَبنَاءُ دَوْلَةٍ)
  3. التصور الصحيح عن عالمية الدعوة

التصور الصحيح عن عالمية الدعوة

الكاتب : صالح أحمد الشامي

التصور الصحيح عن عالمية الدعوة

جاء في سيرة ابن هشام في صدد الحديث عن غزوة تبوك:

".. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلا كنى عنها. . إلا ما كان في غزوة تبوك، فإنه بينها للناس، لبعد الشقة وشدة الزمان، وكثرة العدو الذي يصمد له، ليتأهب الناس لذلك  أهبته. ." (1).

تلك سنته صلى الله عليه وسلم التي بعدت غايتها، وتحتاج إلى أخذ الأهبة وإعداد العدة. .

وتلك جزئية بنيت على إدراك عميق منه صلى الله عليه وسلم لمنهج الدعوة وسير حركتها. فإن الغاية البعيدة والطريق الطويلة تحتاج إلى العدة المتناسبة معها، كما تحتاج إلى معرفة مسبقة بها لمن يريدون السير فيها. .

والدعوة منذ أيامها الأولى كانت واضحة المعالم بأنها دعوة عالمية، غايتها إقامة حكم الله في الأرض. . ولذلك كان الحديث في الآية الأولى نزولاً عن الإنسان جنس الإنسان.

{ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ خَلَقَ ٱلْإِنسَٰنَ مِنْ عَلَقٍ ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلْأَكْرَمُ ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ عَلَّمَ ٱلْإِنسَٰنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (2).

ولقد كان هذا المفهوم واضحاً من الأيام الأولى، يتحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم تقريراً، ويفهمه الصحابة مسلمة من المسلمات الإيمانية. .

فقد رأينا في حديث خباب - الذي سبق قريباً - قوله صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ. .".

وفي المناقشة التي حصلت في بيت أبي طالب بين كبار قريش وبينه صلى الله عليه وسلم قال لهم: "كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم. ." (1).

كان الأمر من الوضوح لديه صلى الله عليه وسلم ولدى أصحابه بما لا يدع مجالاً لأدنى ريبة، وإن نظرة سريعة في القرآن المكي بشكل عام لتؤكد ذلك بوضوح.

فالآيات المكية تتحدث عن الإنسان - جنس الإنسان - وتخاطب الإنسان. . بغض النظر عن وطنه وعن قومه. .

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٍۢ مِّن طِينٍۢ} (2).

{وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ} (3).

{وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ} (4).

{أَيَحْسَبُ ٱلْإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُۥ} (5).

{ يُنَبَّؤُا ٱلْإِنسَٰنُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ ٱلْإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ بَصِيرَةٌ} (6).

{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلْإِنسَٰنُ مَا سَعَىٰ} (7).

{َٰٓيَٰٓأَيُّهَا ٱلْإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ} (8).



المراجع

  1. سيرة ابن هشام 1/ 417. 
  2.  سورة المؤمنون: الآية 12.
  3.  سورة لقمان: الآية 14 
  4. سورة النجم: الآية 39. 
  5. سورة القيامة: الآية 3. 
  6. سورة القيامة: الآيتان 14- 14. 
  7. سورة النازعات: الآية 35.
  8.  سورة الانفطار: الآية 6.
    1.  سيرة ابن هشام 2/516.
    2. سورة العلق: الآيات 1-5


المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day